الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

الأسئله والأجوبه 23

الاسم ندى البلد سوريا
يا دكتور أريد أن أسالك سؤالاً حول الحجاب .. هل هو فرض كما يقولون ؟
إن كان نعم أريد الدليل و إن كان لا أريد أيضاً الدليل .. لأني من فترة قرأت حديث مخيف على أن المرأة التي لا تغطي شعرها سيعلقها الله من شعرها يوم القيامة و يحرق دماغها وشعرها و هذا الحديث رواه الإمام علي و زوجته فاطمه و قد قصّا فيه عن ما رآه الرسول ليلة الإسراء و المعراج فهل هذا صحيح ؟
البريد الإلكتروني maya85@maktoob.com التاريخ 22/12/03
إلى ندى :
لقد استوقفني في سطورك – على قلتها – صيحة حيرة وضياع حول مسألة "الحجاب"، تعاني منها كثيرات مثلك في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. والحق أنني أحد الذين يشعرون بقسوة تلك الحيرة ووحشية ذلك الضياع، وأنا أرى وأقرأ وأسمع اليوم عن توظيف الحجاب – كتكليف مفروض على المرأة المسلمة – في مسائل سياسية لا علاقة له بها، مثالها ما حدث في فرنسا مؤخراً. تماماً كما قرأنا وسمعنا في الماضي عن توظيفه كتكريس لذكورية المجتمع، وللجزم بدونية المرأة تكوينياً وبالتالي اجتماعياً وفكرياً ودينياً، استناداً لقول منسوب إلى النبي (ص) يقرر فيه أن النساء ناقصات عقل ودين.
والحجاب أحد أوسع المواضيع التي كتبت وحاضرت فيها إطلاقاً، وأنا أحاول التفريق فيه بين "الحرام" و "العيب" انطلاقاً م، أن الحجاب ليس تكليفاً إلهياً نصت عليه الرسالة المحمدية، شأن الصلاة والزكاة والصيام والحج، يقدر كونه طبيعة بشرية تميل بفطرتها إلى تغطية ما هو عورة عند صاحبها، تحكمها الأعراف والظروف الزمانية والمكانية، أشار إليها تعالى في آية الأعراف 22 وفي آية طه 121.
إن من الطبيعي أن يخشى رجال الدين المتقيدون بنصوص التراث من شيوع التعري إن هم تساهلوا في هذه المسألة، ولهذا نراهم يستكثرون من أحاديث الترهيب التي ورد مثالها عندك. لكننا لسنا معهم في هذا الخوف الذي سيدفعنا حتماً، كما يحصل الآن، إلى التطرف في فتح باب سد الذرائع. فالفطرة المائلة إلى التستر والعرف الاجتماعي كافيان عندنا لحكم لباس المرأة وضبطه ضمن أطر مقبولة.
وأطمئنك يا ابنتي أن الله تعالى أعدل وأحكم وأعقل من أن يجعل من الثياب معياراً لدخول الجنة أو دخول النار، وأنه ينظر في الصدور وما فيها ولا ينظر إلى الأجسام وما عليها.


الاسم عبد الله البلد فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
أسأل فضيلة الدكتور عن ماهية الحكم الشرعي في في سرقة أموال وممتلكات اليهود في فلسطين هذا في الوقت الذي يسرق فيه اليهود أراضينا وأموالنا بشتى الطرق ، فهل يمكننا أن نستلب منهم أموالهم وبضائعهم بشكل فرادي والتصرف بها ؟
جزاكم الله خير
البريد الإلكتروني jned55@hotmail.com التاريخ 23/12/03
إلى عبد الله :
أولاً : إن فعلنا ما تقول سادت شريعة الغاب في متوالية لا نهاية لها، ولم يكن لنا فضل. وإن فعلنا ما تقول خالفنا قوله تعالى } ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان { المائدة 2 ، وقوله تعالى {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } المائدة 8. وقوله تعالى } فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله { البقرة.
ثانياً : من أوهمك أنني أفتي في الأحكام الشرعية؟ إن لي فهماً خاصاً في بعضها لك أن تأخذ به وتستحسنه أو أن تتركه وتأخذ بغيره. الإفتاء عندي اجتهاد يلزم صاحبه بعد أن رآه، وليس مسطرة تأخذ شكل التشريع يلزم كل الآخرين، ويقتضي تكفير مخالفه. ورأيي الصريح أن التشريع من هذا النوع يقوم به مجالس التشريع المنتخبة . ولسنا بحاجة إلى مجالس إفتاء ولا إلى شيوخ للإفتاء.
فضيلة شيخ الأزهر اليوم ، أفتى بأن الحجاب الإسلامي في فرنسا مسألة داخلية تخص فرنسا وحدها، ومع ذلك – بعيداً عن صواب الفتوى أو خطئها – ثمة كثيرون من رجال المؤسسة الدينية لا يأخذون بها، فهل فهمت ما أعني؟


الاسم بسمة فتحي البلد -
الدكتور الفاضل محمد شحرور
سلامٌ من الله عليك، ورحمته وبركاته،
وبداية أبارك لنا قبل مباركتي لكم بموقعكم التنويري الرائع، الذي يتيح لنا الاطلاع على نتاجكم الفكري التنويري العميق.
وبعد ذلك، أسمح لي سيدي أن أطرح سؤالاً على حضرتكم حول (علم الله تعالى)، وذلك بعد أن أثارني –استحساناً ومنطقياً- فكركم ونظرتكم للموضوع، والذي يُقر دون التباسٍ بأن علم الله تعالى هو علمٌ رياضي –وهو أرقى العلوم التي وصلتنا على الإطلاق حتى الآن- وأن علمه -جلَّ وعلا، علمٌ يقيني بالأشياء وظواهرها وحركاتها، وعلمٌ احتمالي في السلوك الإنساني الواعي وبالاختيار الإنساني. أي أن الأمر إن أردنا تبسيطه يشبه رمينا لقطعة نرد على الأرض فنحن هنا يقيناً أمام ست احتمالات لا أكثر، ولكننا لا نعلم أي الاحتمال سوف تستقر عليه قطعة النرد، ولكننا لحظة استقرارها على الأرض سوف نعلم حتماً على أي الأرقام المحصورة بين الواحد والستة استقرت.
حسبما أعلاه، يصبح الإنسان منا مخيراً في أعماله -اختارها ولم تُفرض عليه- مما يستوجب المحاسبة عليها، وإلا كان وقتها مسيراً لا مخيراً وليس هناك من معنى ولا فائدة من يوم الحساب والآخرة لأنها سوف تكون عين الظلم والسوريالية –تنزه الله تعالى عن ذلك..!!
لا أخفيك أستاذي، أنني شعرت باقتناع منطقي تجاه هذا التفسير، خاصة بوجود الكثير من آيات القرآن المساندة له، وعلى سبيل المثال –لا الحصر طبعا، قوله تعالى:
(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). (الكهف 29).
(ولو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض). (الأعراف 96)

وكما يقولون، ألف مثال لا يثبت نظرية، ولكن يكفي واحد لنفيها.. وقبل القول بذلك، رأيت أن أسألك حول تفسير هذه الآيات (من آية رقم 65 وحتى آية 82) من سورة الكهف في قصة الرجل الصالح هذه الآيات التي تقول بحتمية علم الله تعالى في كل الأمور، ويتجلى ذلك أكثر في أمر الغلام:
((فانطلقا حتى إذا لقيا غُلما فقتله قال أقتلتَ نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا)) الكهف 74
((وأما الغلم فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما)) الكهف 80، 81
وهنا قتل نفس زكية بغير نفس، وهنا أيضاً يظهر أنه غلام، وأنه لم يبلغ بعد، ولم يكلّف بعد ولا يحاسب على ما يأتي من أعمال.. وحسب ما تفضلتم به، الغلام هذا هو من يقرر ما سيؤول حاله من هداية أو ضلالة وذلك باختياراته هو للاحتمالات التي أوجدها الله تعالى له دون سواها..
وهنا برر الرجل الصالح قتل الغلام بأن الغلام سوف يرهق أهله طغيانا وكفراً، وأيضا إرادته أن يبدل الله الوالدين بغلام آخر خيراً منه.. أليس هناك احتمال أن لا يُرزقا بغيره؟! أم أن هنا علم الله حتمي لا احتمالي؟ أليس من المفروض أنه هنا علم احتمالي لأنه يقع ضمن السلوك الإنساني؟!
والجدير بالذكر هنا أن علم الرجل الصالح استمده من علم الله تعالى حتى أنه –الرجل الصالح- كان متأكدا أن سيدنا موسى لن يستطيع صبراً؟! :
• ((فوجدا عبداً من عبادنا اتينه رحمة من عندنا وعلمنه من لدنا علما)) الكهف آية 65
• ((قال له موسى هل أتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا* قل انك لن تستطيع معي صبرا*وكيف تصبر على مالم تُحط به خبرا)) الكهف 66، 67، 68
أي أن الله تعالى يعلم أن هذا الغلام الذي لا يُعد مكلفاً ولا محاسبا بأعماله أنه سوف يصبح فاسقاً عاصياً بل
وربما مجرماً يرهق أهله طغيانا وكفرا..!! أي أن هذا الغلام –إن عاش- سوف يكون مُسيراً إلى الطاغوت لا مخيراً..!!
ما أريد قوله، هو أنني على اقتناع تام عقلياً ومنطقياً برؤيتكم حول معرفة الله تعالى اليقينية في أمور والاحتمالية في أمور أخرى، لكن هناك دلائل قرآنية تخالفها –أو على الأقل هذا ما أراه لغاية الآن، والتي تقول بأن الله هو من يهدي وهو من يُضل كقوله تعالى:
((من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخسرون)) الأعراف أية 178
((من يٌضلل اللهُ فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون)) الأعراف آية186
((الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)) البقرة آية 213
((ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)) الأنعام 88
أشكرك مقدماً، وأعتذر مقدماً عن الإطالة ..
وجزاك الله عنا خير الجزاء
بسمة فتحي
البريد الإلكتروني basma_sf2@yahoo.com التاريخ 23/12/03
إلى بسمة فتحي :
أشكرك على مباركتك موقعي على الإنترنت، وأسألك العذر لي في التأخر بالإجابة، فالسعي لتأمين متطلبات الحياة اليومية يرغم المرء أحياناً على وضع الفكر في المقام الثاني من اهتماماته.
أحترم كثيراً رحلتك الطويلة والشاقة في البحث عن الحقيقة، والوصول إلى أجوبة كافية شافية على أسئلتك الكبيرة التي سبقك إليها ديوجنيس والغزالي، وسقراط وابن رشد، وأرسطو والفارابي، وظن كل منهم أنه وصل، ولكن هيهات. ولا أزعم أنني سأجيب على تساؤلاتك .. إنما هي خواطر لعل فيها ما يفيد.
لابد لعلم العليم علاّم الغيوب عالم الغيب والشهادة – ليتحقق فيه شرط الشمول المطلق التام – من أن يكون يقينياً في جانب واحتمالياً في جانب آخر. لماذا؟ لأنه إن كان يقينياً في كل الجوانب تحول الكون إلى مسرح، والإنسان إلى دمية مجبورة مسيَّرة تحركها خيطان العلم الإلهي اليقيني. ولا بد للإنسان – لتنتفي العبثية عن يوم الحساب ويأخذ الثواب والعقاب معنى عادلاً إيجابياً – من أن يكون حراً، له دور في اختيار دربه وسلوكه وأفعاله، يمكن معه أن نسأله ونحاسبه. علماً بأن العلاقة بين اليقيني والاحتمالي هي علاقة تضاد لا علاقة تناقض.
قد تبدو هاتان النقطتان لأول وهلة مقنعتين للبعض ومنهم أنا، لكن الغوص في تفاصيلهما، والاحتكام إلى النصوص القرآنية وإلى التراث الإنساني سيثير ألف سؤال وسؤال، منها ما يمكن الجواب عليه ومنها ما لايمكن. فهناك من ينفي كل قدرة للإنسان على الاختيار، وينفي أنه حر أصلاً، في ضوء قوله تعالى } وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين { التكوير 29. وقوله تعالى } لله الأمر من قبل ومن بعد { الروم 4. ومن هنا ذهب بعضهم إلى القول "لاحركة ولا سكون إلا بأمره تكون"، وإلى القول " المكتوب على الجبين لازم تراه العين" .
والإشكالية كما أراها – باعتباري مبدئياً من القائلين بقدرة الإنسان على اختيار أفعاله – لاتنحصر في "هل الإنسان مسيَّر مطلقاً أو مخيَّر مطلقاً ؟ حرٌ مطلقاً أم مقيد مطلقاً ؟" بقدر ما تنحصر في "كم تبلغ مساحة هامش الحرية عند الإنسان؟ وإلى أي حد هو حر ؟ وإلى أي حد هو مقيد؟ " . فالإنسان مقيد بحدود مكان ذي ستة أبعاد ( فوق/ تحت، أمام / وراء ، يمين / شمال) ومقيد بحدود زمان ماضيه أزلي لاسلطان له على استعادته وآتيه أبدي لا علم له به، بينهما لحظة أرق من الشعرة هي لحظة الآن. في هذه اللحظة بالذات تتموضع حرية الإنسان، وضمن حدود هذه اللحظة بالذات أقول بقدرة الإنسان على اختيار أفعاله. أما ما قبلها فماضٍ يعجز الإنسان عن استعادته باعتباره دخل في عالم الحتميات اليقينية، وأما ما بعدها فغيب يعجز الإنسان عن معرفته باعتباره ما زال في عالم الممكنات الاحتمالية.
لاريب أبداً بوجود آيات كثيرة في القرآن الكريم تؤكد محدودية حرية الإنسان في الاختيار أو تنفيها، وبوجود آيات كثيرة بالمقابل تؤكدها وتنص عليها، وبين النوعين تـضـاد لا تناقض فيه. فكون الأمر لله من قبلُ – أي في الماضي – ومن بعدُ _ أي في الآني – لاينفي أبداً أن للإنسان دوراً ما في لحظة الآن، مهما بدا هذا الدور مثقلاً بقيود الزمان والمكان.
أما حكاية الغلام في قصة موسى مع البد الصالح بسورة الكهف، فلا أراها تتناقض مع قولنا إن علم الله يقيني في جانب واحتمالي في جانب آخر. وما رأيت أنه تناقض إنما جاء من افتراضك – كما قرر أرسطو – أن " آ " هي " آ " ولا يمكن أن تكون " ب " في الوقت نفسه، أي أن العلم إما أن يكون يقيني مطلقاً، أو أن يكون احتمالي مطلقاً، فإذا كان وقع التناقض. لكنك تنسين أن هذا القانون القيدي وضع ليطبق في مجال علم الإنسان، أما علم الله فمجال آخر تماماً يستلزم وجوباً أن تكون له نواظم وقوانين أخرى – إن وجدت -. ولقد شعر العبد الصالح أن موسى (ع) كان ينطلق وقتها من ذات الفرض الذي تنطلقين أنت منه الآن فقال } وما فعلته عن أمري { الكهف 83. وكانت العبارة في رأي العبد الصالح كافية لإفهام موسى (ع) أمرين:

علم الله وإراداته لا تخضع لما يخضع له علم الإنسان وإرادته.

أفعال الله لا تخضع للمساءلة طبقاً لقوله تعالى } .. فسبحان الله رب العرش عما يصفون * لايسئل عما يفعل وهم يسئلون { الأنبياء 22، 23.
وإذا كانت القصة لا تبين صراحة إن كان موسى (ع) فهم المقصود أم لم يفهمه، فإن الحلاج لم يفهمه بالتأكيد. فمأساة الحلاج أنه مات وهو يصر على أن يسأل الله سبحانه " لماذا ؟ " ، إذ يناجي ربه قائلاً : إذا كنت لا تريدني أن أقول .. فلماذا جعلتني أرى ؟


الاسم ميدو البلد مصر
ما معنى ... ما ملكت أيمانكم ؟
أكره وصف الإسلام إنه وافق و لو للحظة من الزمن على الإستعباد و العبودية
هل صحيح أن تلك الكلمة معناها الزوجات الحاليات ؟
مثلا أنا أقول:- أن معنى فتياتكم هو الغير متزوجات لأن معنى نسائكم أي زوجاتكم و الدليل هو سورة الطلاق التي يقول فيها الله ... قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ... ثم نزل في الحكم العام... الذين يظاهرون منكم من نسائكم ... و هكذا في مواضع أخرى نكتشف أن فتى و فتاة لا تعني عبد و عبدة ... لكن تبقت كلمة ما ملكت أيمانكم التي أنظر لهاأحيانا بمعنى الزوجات بدون مهر
أي زواج على حب و رغبة في تعاون الولد و البنت في مجيب أطفال من بعض و العيش سويا بأسرة جديدة
لأني أرى أن في الإسلام نوعين من الزواج ... الأول هو الأساس و هو بدون فلوس ... و الأخر بفلوس كأجر مقابل عمل .. لهدف الجسد.... و لا أحب أن أسميه زواج المتعة فأنا لا أحب هذه التسمية لكن أسمية زواج مؤقت ... و لكن في أحيان أخرى أجد آية التي تحدد من يحل روية زينة النساء تضع فيهم ما ملكت أيمانهن ... فهذا يتعارض مع كون ما ملك اليمين هو الزوج أو الزوجة لأن مذكور في الأيه كلمة .. بعولتهن ... و كذلك الأية 50 و الأية 55 من سورة الأحزاب
البريد الإلكتروني mido_1999@softhome.net التاريخ 24/12/03
إلى ميـدو :
ملك اليمين في التنزيل الحكيم من المصطلحات الشائكة المعقدة، التي لما أصل فيها إلى فهم واضح حاسم، رغم مرور سنوات على وقوفي عندها، ورغم وضوح الرؤية عندي لبعض جوانبها:
1- لاشك بأن نظام الرق كان سائداً عند العرب قبل وأثناء وبعد العصر النبوي، وبأن الرجل على مدى تلك العصور كانت له إماء لايحد عددهن سوى قدرته على الشراء، وكان للمرأة عبيد لايحد عددهم سوى قدرتها على الشراء. وتلك حقيقة تاريخية لا ينفع كرهنا لنا في نفي وجودها.
2- ولاشك أيضاً بأن قدامى المفسرين، متأثرين بالسائد في زمنهم، فهموا من ملك اليمين أنه الرق. وقل مثل ذلك في مصطلح "الفتى والفتاة" كما ورد في عشر آيات من التنزيل.
3- ولا شك بأن المفسرين المعاصرين حذوا حذو القدامى منهم – تقليداً وتحرجاً – فيما ذهبوا إليه.
لكن حصر معنى ملك اليمين بالرق خلق إشكالية كبيرة عند القدامى لم يجرؤوا على التصدي لها، ويخلق عند المعاصرين إشكالية إضافية بعد أن زال نظام الرق في يومنا هذا.
أما الإشكالية القديمة، فتتجسد في استحالة تطبيق أحكام 15 آية من آيات التنزيل على الرجل والمرأة في مسألة النكاح وإبداء الزينة وغيرها، حين نحصر معنى ملك اليمين بالرق. لماذا؟ لأن للرجل أن يطأ شرعاً متى شاء دون حرج ما شاء من الجواري والسواري والمحظيات، فهل للمرأة مثل ذلك مع عبيدها وملك يمينها شرعاً ودون حرج؟
وأما الإشكالية المعاصرة، فقد ظهرت بعد زوال نظام الرق. مما يلزم معه بالضرورة استبعاد أحكام ملك اليمين كلها من التنزيل الحكيم، إن كنا فعلاً نحصر معنى ملك اليمين بالرق. الأمر الذي ينسف ما نؤمن به من صلاحية الرسالة المحمدية لكل زمان ومكان، من جهة أولى، وما نؤمن به من ثبات النص، من جهة ثانية، ويجعل التنزيل رهناً بالمتغيرات التاريخية اجتماعياً وسياسياً، ومن جهة ثالثة، وهذا كله محال.
فإذا انتقلنا إلى مصطلح "الفتى والفتاة"، وجدنا أننا لا نستطيع أن نقبل حصره بالعبد والعبدة، لأنه إذا جاز بسهولة مع يوسف (ع) في قوله تعالى } وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه { يوسف 30. وجاز بسهولة مع فتى موسى في خبر العبد الصالح بقوله تعالى } فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً { الكهف 62. فهو يجوز بصعوبة عن فتية الكهف (الكهف 10 ) وعن صاحبي يوسف في السجن (يوسف 36)، ولا يجوز مطلقاً على إبراهيم (ع) في قوله تعالى } قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم { الأنبياء 60، إذ لم يعرف عن إبراهيم أنه كان عبداً مملوكاً .
ولكني أقول لك أن نكاح المتعة هو أحد حالات ملك اليمين وليس زواجاً، وزواج المسيار في السعودية هو حالة ملك يمين، وزواج الفرند هو حالة ملك يمين . وهذه الحالات الثلاثة هي من مفاهيم ملك اليمين المعاصرة، فافهم هذا.
عزائي الوحيد يا سيد ميدو، أن في أمتنا رجالاً مثلك يتدبرون كلام ربهم، ويحاولون الإجابة على ما يعترضهم من إشكاليات، فبارك الله بك .


الاسم hadi البلد france
سيدي الفاضل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اقدم لكم اعجابي العميق بافكاركم التي ارجو لها ان تكون منارة تنير درب الحقيقة , و تعين على الاهتداء للسراط المستقيم .
لقد قرأت في كتابك : "الاسلام و الايمان" و في باب "التبني و اتخاذ الولد" ما يلي:
"...المرحلة الجديدة هي بداية تشكل الذاكرة عند الطفل مع بلوغه العامين، أما قبل ذلك فلا ذاكرة له البتة. ونقصد بالذاكرة هنا المعلومات التي يتم تخزينها ثم استرجاعها فيما بعد. إذ ليس ثمة إنسان يتذكر حدثاً حصل معه في سن ما قبل العامين. وكل الأحداث التي يسترجعها أطفال الدنيا في ذاكرتهم بعد أن يكبروا، هي أحداث حصلت لهم بعد سن العامين من العمر."
و احب صادقا و الله على قولي شهيد ان اصحح لكم هذه المعلومة, فهي قد تكون صالحة كقاعدة عامة و لكنها ليست مطلقة الصحة , فأنا اتذكر احداثا و امورا و اشياء قبل عمر السنتين بل قبل السنة من العمر, و هي اشياء قد تأكدت تماما منها بشكل قاطع من خلال استجوابي للاهل و كذلك من خلال بعض الصور المؤرخة التي وجدتها فيما بعد. طبعا فلا مجال لسرد التفاصيل هنا و لكنني أؤكد لك اني "شهيد" على ان من الممكن للمرء ان يتذكر امورا من قبل عمر السنتين بل السنة.
البريد الإلكتروني fidaay@maktoob.com التاريخ 24/12/03
إلى : hadi
25/12/2003 :
إن ما ورد في كتابي الثالث " الإسلام والإيمان " حول بداية تشكل الذاكرة عند الطفل، يدعمه العلم وتوثقه آراء المختصين الذين استشرتهم. وأنا بلا ريب أصدقك في تذكرك لأحداث وقعت قبل السنة الأولى من عمرك، لكنها كما ترى حالة فردية نادرة، لاتصلح لاعتمادها كقاعدة لتصحيح الحقائق العلمية.


الاسم الحـقيقة البلد قطر
ما رأي سماحتكم في شرب الخمر .
البريد الإلكتروني qatar0_0@hotmail.com التاريخ 25/12/03
إلى الحقيقة :
سؤالك حول الخمر فضفاض. أتمنى لو أنك أكثر تحديداً في أسئلتك. اسأل ما تريد واجتنب الإيجاز المخل والتطويل الممل واطلب الهدى من الله لنا ولك .


الاسم hadi البلد france
سيدي الدكتور الفاضل :
رغم اعجابي بمنهجك و اقتناعي بصحة العديد من النتائج التي توصلت اليها, فانني لم اقدر ان اوافقك على بعضها الاخر.
من ذلك ما يتعلق بموضوع الربا و كون حرمته تتعلق فقط باصحاب الصدقات.
فقد ذكرتم في كتابكم "نحو اصول جديدة للفقه الاسلامي" و في باب "الاخلاق" ما يلي:
"أما العلاقة بين الربا والصدقات فقد نبهنا إليها سبحانه في سورة البقرة 276، مباشرة بعد تحليل البيع وتحريم الربا في البقرة 275، لنفهم أي بيع هو الحلال، وأي ربا هو الحرام. ولو لم تكن ثمة علاقة قادتنا إلى قول ما قلناه، لما بقي معنى لتحليل البيع عموماً لكل أهل الأرض، وهو حلال لم يسبق تحريمه بالأصل. ولو أنه سبحانه لم ينبه إلى حلالية البيع لأصحاب الصدقات والربح منهم، لالتبس الأمر، وتعرقلت عملية البيع والشراء في المجتمع، إذ سيترتب على كل بائع أن يفرز المشترين ليعرف أصحاب الصدقات من بينهم فيبيعهم بسعر الكلفة، وهذا مستحيل."
و مما تعلق عليه اهمية في استنتاجاتك هو "...ولو لم تكن ثمة علاقة قادتنا إلى قول ما قلناه، لما بقي معنى لتحليل البيع عموماً لكل أهل الأرض، وهو حلال لم يسبق تحريمه بالأصل.." و هو امر ادهشنتني كيفية توصلك اليه مع انك بهذا القول "تخون " منهجك ذاته, حيث انه تعالى قد استخدم ذات الاسلوب في العديد من ايات الكتاب دون ان يكون بامكاننا ان نحّمل الكلام اكثر مما يحتمل. و سادلل على ما أدعيه بأمثلة:
الايات 4و5 من سورة المائدة و فيها ان الله قد احل الطيبات و...فهل كانت هذه الطيبات حراما قبل نزول هذه الايات ؟
الايه 96 من المائدة تحلل صيد البحر و طعامه , فهل كانا حراما قبلها ؟
الاية 30 من الحج تحلل الانعام , فهل كانت حراما قبلها ؟
و الجواب كما ارى هو بالنفي. و بالتالي فليس من مبرر لتحميل عبارة "احل البيع" اكثر مما تحتمل, و بالتالي فما يتلو ذلك لديكم من استنتاجات متعلقة بالربا غير موفقة.
هذا ما يتعلق بالجانب الشكلي من الموضوع . أما بخصوص لب موضوع الربا بالشكل الذي تطرحه فهو كما اعتقد و كما ارى غير صحيح ايضا. فان يكون الربا حراما مع من يستحق الصدقة و حلالا في غير ذلك هو امر يفترض ان الاغنياء و الفقراء يعيشون في عالمين منفصلين اقتصاديا , و هذا امر لا يتوافق مع الواقع فالدورة الاقتصادية لبلد ما تشمل الغني و الفقير و صاحب المصنع و العامل و المزكي و المتزكي و المتصدق و المتصدق عليه, فما يجري عند قسم منهم يؤثر على ما يجري عند القسم الاخر. و ساحاول ان اثبت لكم ان الربا سيؤثر سلبا على الفقراء حتى و لو تم تعاطيه بين الاغنياء فحسب, و ساستخدم في برهاني اسلوب نقض الفرض و ذلك بأن اطرح مثلا.
لنفترض ان الربا بالشكل الذي تطرحه صحيح اسلاميا,ولنفترض ان زيدا رجل ميسور الحال من غير مستحقي الصدقات, و انه اراد ان يقوم بتجارة فاحتاج مالا فقصد عمرا ,الذي هو بدوره رجل غني, ليقترض منه بفائدة مبلغا كبيرا من المال و بفائدة لا تبلغ الضعف و لنقل خمسين في المئة " و هو امر مباح حسب الفرض" , و لنفترض بعد ذلك ان تجارة زيد لم تربحه شيئاو لم تخسره و لكنه مع ذلك يتوجب عليه ان يرد القرض الذي اقترضه من عمرو مع الفائدة , فما دام القرض كبيرا فستكون الفائدة ايضا كبيرة و سيكون ملزما ان يرده مع ذلك. فلو لم يكن ثمة فائدة اضافية يتوجب عليه ردها لعاد زيد الى الحال الذي كان عليه قبل مشروعه, و لكن مع وجود الفائدة , و التي هي كبيرة حسب فرضنا, فانه قد لا يعود من بين الاغنياء المتصدقين و قد ينضم الى طائفة مستحقي الزكاة و الصدقة . فيكون عدد الاغنياء قد نقص واحدا بينما زاد عدد الفقراء بالقدر ذاته. و هي نتيجة لا اظنك ترى ان الله تعالى يسعى الى ان نبلغها.
و الخلاصة :
فالربا كما اعتقد و ارى حرام" الا لمن اضطر" فهي تجعل من المال بذاته جالبا اتوماتيكيا للمال مثلما تتجاذب الاجرام المادية بعضها الى بعض. بينما من المفترض ان يكون المال جزاء لعمل انساني.
بينماربح التجارة التي تحتمل الخسارة من حيث المبدأ فهو اجر لعمل.
و لهذا فقد "احل الله التجارة و حرم الربا"
و اعود فأوكد على تقديري لمنهجك العام , و لشخصك الكريم رغم بعض التحفظات. و كلي ثقة برحابة صدرك و بأنك من المعتقدين بان الحقيقة ضالة المؤمن .
البريد الإلكتروني fidaay@maktoob.com التاريخ 26/12/03
إلى هادي :
أشير بادئ ذي بدء إلى ظاهرة رأيتها منتشرة عند قرائي وناقديّ، هي اجتزاء عبارة أو فقرة من سياق موضوع متشعب جرى بحثه في عشرات الصفحات، كالحجاب مثلاً، ثم الوقوف عندها بالاستنتاج والتأويل، ثم القفز من أرضية هذا التأويل وذلك الاستنتاج – بعد إلباسهما ثوب الحقيقة الثابتة المفروغ منها – إلى خلاصات تنسب لي غالباً قول ما لم أقل.
ولعل رسالتك يا سيد هادي حول موضوع الربا خير مثال على الاجتزاء والاستنتاج والتأويل ثم القفز إلى الخلاصات. فقد جرى بحث الربا في كتابي الأول ( ص 467 – 472)، بعد بحث عدد من المواضيع الأخرى، كنكاح المحارم والقتل والسرقة والزنا، ضمن إطار عنوان عام بدأته على ص 453، حاولت فيه تفصيل أمثلة عن "الحدود في التشريع". ثم جرت الإشارة إليه في كتابي الرابع ( ص 136 – 137) ضمن إطار تفصيل المحرمات في التنزيل الحكيم بدأته على ص 133، وفيه وردت العبارة المجزوءة التي وقفت عندها في رسالتك، والتي أظنك تتفق معي على عدم إمكان فهمها بعيداً عن إطارها العام.
لقد استعرضت في كتابي الأول ثماني آيات من التنزيل الحكيم تحكم مسألة الربا، ولاحظت فيها أربعة أمور:
آ – ربط الربا بالصدقات ( البقرة 276 ) .
ب – ربط الربا بالزكاة ( الروم 39 ) .
ج – وضع حد أعلى للفائدة الربوية هو الأضعاف المضاعفة ( آل عمران 130 ) .
د – وضع حد أدنى للفائدة على القروض هو الصفر ( البقرة 279 ) .
واستعرضت في كتابي الرابع خمس آيات من التنزيل الحكيم تتحدث عن الربا، وقفت فيها عند قوله تعالى } وأحل الله البيع وحرم الربا { البقرة 275. وقلت فيه ما أعتبره استكمالاً لما سبق في كتابي الأول. قلت :
لما قال تعالى أنه أحل البيع مع أن البيع حلال في الأصل ولم يكن حراماً قبل نزول الآية؟ ( ص 137 ) .

ثم حاولت أن أضع إجابة لهذا السؤال ، بعد أن لم أجدها في أي من التفاسير التراثية والمعاصرة. وهذه الإجابة قد تكون صحيحة وعلى ما ينبغي، وقد لاتكون. لكنها في الحالتين لا تستطيع تجاهل وجود سؤال قائم يحتاج إلى جواب، ينطبق تماماً على ما ذكرت في رسالتك من آيات ( 4 و 5 المائدة / 96 المائدة / 30 الحج) ، وأخص منها بالذكر قوله تعالى } اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم { المائدة 5. وقوله تعالى } حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير { وقوله تعالى } أحل لكم صيد البحر وطعامه حل لكم { ولو لم يقل } أحل لكم صيد البحر { لما استطعنا أن نأكل السمك إطلاقاً، ألا تعلم أننا نصيد السمك ونأكله ميتاً لا مذبوحاً.
لقد شعرت أنه تعالى وهو يربط بين تحليل البيع – مع أنه حلال أصلاً – وتحريم للربا، بأنه يشير إلى قاسم مشترك بينهما هو الربح والمنفعة، الذي هو حلال في البيع وحرام في الربا، دحضاً لقول قائل إن الربا تجارة .. والتجارة ربح وفائدة. وشعرت وهو يربط بين تحليل الطيبات – مع أنه حلال أصلاً – وتحليل طعام أهل الكتاب، بأنه يشير إلى تحريم قائم زمن نزول الآية بدلالة قوله } اليوم { ، يطبقه أهل الكتاب وأتباع محمد (ص) على تبادل الأطعمة.
وأنا أفهم أن يوافق القارئ – كلياً أو جزئياً – على محاولتي للإجابة، أو ألا يوافق – كلياً أو جزئياً – عليها. لكنني لا أفهم أبداً أن ينسب إليَّ قولاً لم أقله. إذ ليس هناك عاقل يمكن أن يعتقد بأن ( الربا حرام مع من يستحق الصدقة وحلال في غير ذلك ) . وليس هناك عاقل يقرأ ما كتبت عن الربا في كتابي الأول وكتابي الرابع، ثم يستنتج – مهما اتسعت شطحاته الفكرية – ما استنتجته أنت في رسالتك .
إنني لا أدعوك، ولا أدعو غيرك، إلى اعتبار ما أقوله في كتبي من المسلمات، فالمرء عندي حر في بناء معتقداته وتشكيل إيماناته، لكنني أدعو الناس جميعاً إلى الوقوف في وجه خطيب الجامع الذي زعم وهو يتحدث عن الربا على منبره أن العمولة المصرفية مهما صغرت حرام لأنها ربا، وصرف العملة، بمعنى تبديل الجنيه والريال بالدولار أو العكس ، حرام لأنها ربا، وختم خطبته بمثال عجيب فقال: أرأيت لو طرق أحدهم بابك يرجوك أن تصرف له ورقة نقدية من فئة الألف ليرة مثلاً ، بعشرة من فئة المئة، فأخذتها منه ودخلت إلى مكتبك لتحضر له المئات العشر، إن هذه الفترة لزمنية بين الاستلام والتسليم مهما صغرت تعتبر ربا ..

كل ما أقوله بأن الله حرم الربا في سبع آيات وحرم نكاح الأم بكلمة واحدة فلماذا؟ تُرى هل كان العباس مدين لأبو سفيان أو العكس؟ أو أن العباس وأبو سفيان كانا من المرابين الذين يعطون المال للفقراء وعندما كان هؤلاء الفقراء يعجزون عن السداد كانوا يباعون في سوق النخاسة، فهل البنوك المعاصرة تعامل الناس هكذا؟ لذا قال } فأذنوا بحرب من الله ورسوله { . وبعد وفاة الرسول (ص) فالحرب من الله فقط. وفي حياة رسول الله (ص) فالحرب من الله ورسوله. لذا فقد منع النبي (ص) ربا العباس لأنه كان من نوع ربا أصحاب الصدقات، وهذا الربا كان سائداً في شبه جزيرة العرب. لذا فإن البنوك الحالية بخدماتها لاعلاقة لها بالربا المذكور في كتاب الله.
إنني لا أفتي في حلالية أمر حرمه الله صراحة، وأنذر من يمارسه بعد تحريمه بحرب من الله ورسوله، لكنني أشير إلى أن التشدد المتطرف في تطبيق حدود الله هو تطرف غبي سيؤدي بالضرورة إلى شلل اقتصادي على الأكثر، أو إلى عرقلة دولاب العمل التجاري في الأسواق على الأقل.
أشكر لك إعجابك بمنهجي، وبموضوع الوصية واعتبارها الأساس في انتقال التركة، أما المثال الذي أوردته عن مسألة من مسائل الإرث، ففيه أكثر من دليل على طول باعك في علم الرياضيات، والباب مفتوح على مصراعيه لآلاف الأمثلة المشابهة. بارك الله لك في علمك لترى المزيد.


الاسم عمّار اليازجي البلد ألمانيا
الدكتور محمد شحرور الفاضل..
سؤالي بسيط بقدر ما هو معقد، ألا وهو رأيك في زواج المسلمة من النصراني، وما سبب وجود قاعدة شرعية تبيح زواج المسلم بالكتابية وتمنع المسلمة من زواج الكتابي.
لك الشكر
البريد الإلكتروني ammar@web.de التاريخ 27/12/03
إلى عمار اليازجي :
سؤالك بالفعل بسيط بقدر ما هو معقد. مسألة جواز زواج المؤمن برسالة محمد (ص) من كتابية، مسألة أجازها ابن عباس، وفيها تفصيل لامحل له في جوابنا الموجز. أما مسألة منع المؤمنة بالرسالة المحمدية من الزواج بكتابيّ فهو فقه اجتماعي سياسي رآه فقهاء السلف، لم نجد ما يدل عليه في آيات التنزيل الحكيم صراحة. وأي مجتمع له الحق في أن يمنع أمور معينة ولكن لايحق له التحريم بتاتاً.


الاسم المتأمل البلد السعودية
أخي الفاضل د.محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت معظم ماكتبت ، وكانت الفائدة بالنسبة لي تغير في منظوري لمعنى الإسلام ككل، أضف إلى ذلك تغير في قرآئتي للقرآن الكريم من قرائة روتينية إلى قرائة ممزوجة بالتدبر وإستشعار عظمة كلمات الله ، فالشكر لك سيدي .
مأود قوله:
هو لماذا لا نرى لسعادتك كتابات متعمقة في مواضيع أرى أنها مهمة وأساسية وهي :
الشفاعة
عذاب القبر
النسخ والإنساء
الولاء والبراء
فهي من أسس تخلفنا ومشاكلنا
أعلم أنك تطرقة لهذه المواضيع ولكن ليس بدراسة متعمقة تصل إلى نقد الأحاديث التي بنية عليها تلك الأفكار تحياتي
البريد الإلكتروني almotamil@msn.com التاريخ 29/12/03
إلى المتأمل :
أشكر لك ثقتك، وأحمده تعالى على آلائه. المواضيع التي ذكرتها في رسالتك لا أراها بحد ذاتها إشكالات تسبب التخلف. نحن الذين نحولها إلى إشكالات بفهمنا الخاطئ لها من جهة، وأسلوب تطبيقها على غير ما ينبغي من جهة أخرى .
أما مسألة النسخ والإنساء، فقد شرحت رأيي فيها بالتفصيل في كتابي الثاني " دراسات إسلامية معاصرة في الدولة والمجتمع" ص 271 – 291. وأما مسألة عذاب القبر فليست عندنا بشيء. لأننا نفرق بين الروح والنفس، من جهة، ونرى فيها مسألة غيبية لافائدة من بحث تفاصيلها دون سند يقبله العقل، من جهة ثانية، ونجد فيها خطراً بما تثيره من فزع عند الناس يقضي على الطمأنينة في قلوبهم وهم يقرؤون كتاب ربهم، مما يتناقض مع قوله تعالى } الذين آمنوا تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب { الرعد 28. وأما مسألة الولاء والبراء، فهي وإن استندت في الأصل إلى آيات المائدة 51، التوبة 3، التوبة 23 ، الممتحنة 9 ، إلا أنها خرجت تطبيقياً – لأسباب مذهبية متشددة – عن غاياتها الأساسية، وتم توظيفها بالاتكاء الفاحش عليها لتكفير الآخرين.
وهذه المسألة بالذات غير شائعة في سورية لحسن الحظ. وأما مسألة الشفاعة، فقد تم ربط شفاعات الأنبياء فيها بكرامات الأولياء، ووظفها هامانات المؤسسات الدينية لتثبيت مواقعهم وامتيازاتهم كورثة وحيدين للأنبياء ومفاتيح لشفاعتهم، معطلين بذلك عنصر "العمل" لدى الناس، بعد أن استبدلوه بأحلام "شفاعة" مزاجية لا ناظم لها ولا قانون يحكمها، الأمر الذي يناقض في رأينا قوله تعالى } كل نفس بما كسبت رهينة { المدثر 38، وقوله تعالى } وقل اعملوا { التوبة 105 ، وقوله تعالى } وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً { هود 7 . ويناقض قول النبي (ص) إن صح ( يا فاطمة بنت محمد، اعملي فوالله لا أغني عنك من الله شيئاً ).
ختاماً، سيكون سروري عظيماً لو قرأت لك مستقبلاً بحثاً تقوم به أنت لأحد هذه المواضيع، بدلاً من أن تطلب من الآخرين القيام به، فإن لإيمانك عليك حقاً، ولأمتك عليك حقاً، والسلام على من استمع القول فاتبع أحسنه.


الاسم نوف عبدالله الدخيل البلد المملكة العربية السعودية
سيدي الفاضل : لدي أكثر من سؤال ..
الأول:ما هو رأيك في القرار الفرنسي القاضي بمنع الحجاب في المدارس؟ وهل يعتبر تجاوزا من قبل فرنسا لحقوق الإنسان؟ وما هو الأصل في تشريع الحجاب؟

الثاني: كيف نفسر ما جاء في القرآن حول شهادة الرجل التي يقابلها شهادة امرأتين؟
الثالث: لماذا كان التركيز في القرآن على نشوز المرأة أكثر من تركيزه على نشوزالرجل الذي أتى في آية واحدة؟
الرابع: ما الحكمة التي قد يكون الله عز وجل أرادها من تصوير عذاب النار وأهوال يوم القيامة؟ وهل هناك تعارض بين هذه الصورة المرعبة للخالق والصورة الأخرى التي تتجلى فيهاالرحمة والمغفرة؟ هذا يجر إلى سؤال: هل المخلوق الذي لم يُعط الخالق حقه لعلة ما يستحق أن يحرق ويعذب في النار ويبدل جلده لتجديد العذاب؟

هذه الأسئلة تراودني كثيرا وأنا أقرأ القرآن .. ولم أجد ما يرضيني من إجابات لدى المفسرين القدامى .. ولم يسعفني سوى المحبة التي أجدها في نفسي لله عز وجل ..
البريد الإلكتروني i_am_not_a_type@yahoo.com التاريخ 4/1/04
إلى نوف عبد الله الدخيل :
لايسعني إلا أن أقف احتراماً لعبارة ختمت بها رسالتك بأسئلتها الأربعة تقول " هذه الأسئلة تراودني كثيراً وأنا أقرأ القرآن ولا أجد إجابات ترضيني لدى المفسرين القدامى ، ولايسعفني سوى المحبة التي أجدها في نفسي لله عز وجل ولكتابه الكريم ".
مباركة هي محبتك لله.. ومحبتك لكتاب الله.. فالمحبة أحد أسمى المحاور التي يدور عليها الكون.. شرط ألا تكون محبة عميان في سراديب الاعتكاف. فالله حق .. وكتابه حق.. والحق لا يرى إلا بأعين مفتوحة وقلب مفتوح على مصاريعه لاستقبال النور، وليس بأعين مغمضة نائمة على طقطقة المسابح ونقرات الدفوف.
لابد قبل إبداء الرأي ومحاولة الإجابة على سؤالك الأول في مسألة قرار فرنسا منع الحجاب في مدارسها، من طرح سؤال هام، يمكن للمرء بعد الإجابة عليه من فتح حوار مفيد مثمر، يخرج به من دائرة المهاترات ودوامة التكفير وتبادل التهم بالعمالة والخروج على الملة: "هل المسألة دينية ي ثوب سياسي، أم سياسية في ثوب ديني؟ " . هذا السؤال يثير بالضرورة عدداً من الأسئلة الفرعية، لو تم تغليب الجانب الديني على المسألة، وعدداً آخر من الأسئلة الفرعية، لو تم تغليب الجانب السياسي عليها، والخلط بين الجانبين سيحول البحث في المسألة إلى حوار طرشان. لايريد أحد من المتحاورين فيه أن يسمع أحداً بقدر ما يريد أن يسمع نفسه.
لقد رأينا فرنسا "العلمانية" تقرر – ولنكن هنا دقيقين ومنصفين – منع جميع رموز التميز الديني في المدارس الثانوية الحكومية (الحجاب الإسلامي / الصلبان المسيحية / القلنسوة اليهودية)، لاعتبارات رأت أنها تتعارض مع علمانيتها المعلنة.
ورأيناها توفد أحد مسؤوليها إلى الأزهر في القاهرة طلباً لمباركته، أو لجسِّ نبضه على الأقل، في وقت لم يسمع فيه أحد أنها أوفدت أحداً إلى الفاتيكان أو إلى تل أبيب سعياً وراء مباركات مماثلة. ورأينا شيخ الأزهر "يفتي" بأن فرنسا حرة في إصدار ما شاءت من قوانين ضمن حدودها وأراضيها. ثم رأينا الدنيا تقوم ولا تقعد على رأس شيخ الأزهر، بين صائح يصيح "إعزلوه"، ومناد يدعوه إلى التوبة والاعتذار، وثالث يتهمه بأنه غير مؤهل للإفتاء، ورابع يزعم أن فتواه رأي شخصي، وخامس يعيب عليه انفراده بالفتوى وتجاوزه للأزهر كمؤسسة ولعلمائه الذين يرى كل منهم أنه أحق بالمشيخة، لعل أحدهم هو الشيخ القرضاوي.
أنا لا أستطيع أن أرى في قرار فرنسا أي جانب ديني. لسبب بسيط، هو أن الحجاب من الزاوية الدينية مسألة خلافية، تتجاذب العالم الإسلامي فيها تيارات وتيارات، بين تيار متشدد يرى المرأة فتنة يجب الأخذ على يدها بالقمع وعورة يجب إخفاؤها في سراديب الحريم، ولهذا كلفها الله في آياته والنبي في أحاديثه بالاحتجاب خلف العباءات الفضفاضة والبراقع السميكة، وتيار متساهل يرى في اللباس ظاهرة تحكمها فطرة تميل إلى ستر العورة وتلونها متغيرات المكان والزمان، ويرى استحالة أن يلزم تعالى بحجاب واحد بعينه نساء القطب ونساء خط الاستواء في القرن السادس والقرن العشرين والقرن الأربعين. وتيار ثالث أقل تشدداً من الأول، ورابع أقل تساهلاً من الثاني، وجميعهم يرسمون لنساء مجتمعاتهم لباساً يتقيدن به يزعمون أنه شرعي، والنتيجة كرنفال ألبسة شرعية في عالمنا الإسلامي يدفع المتأمل العاقل إلى الضحك والبكاء في آن واحد.
فإذا تركنا هذا كله جانباً، ونظرنا إلى فرنسا من الزاوية الدينية، وجدنا أنها دار حرب ودار كفر على خارطة الفقه والفقهاء، وهذا يعني بكل بساطة – حسب قول السيد قطب وفقهاء الإخوان المسلمين – أن الحكم الإسلامي لايمكن – ولا يعقل ولا يجوز – تطبيقه إلا في مجتمع إسلامي. ثمة رجل لا علاقة له بالسيد قطب ولا بالإخوان المسلمين، انتبه لحقيقة استحالة تطبيق أحكام الإسلام إلا في مجتمع إسلامي، هو محمد علي جناح، رفيق غاندي في نضاله لتحرير الهند من الإنكليز، الذي أسس باكستان وجمع فيها مسلمي الهند وأعلنها دولة إسلامية.
من هنا، فأنا لا أستطيع إلا أن أنظر إلى قرار فرنسا من جانبه السياسي، وهذا بالضبط ما فعله الدكتور طنطاوي حين أعلن فتواه التي أتفق معه بكل حرف ورد فيها.
قالوا: لقد خانت فرنسا علمانيتها وخرقت حقوق الإنسان. قلنا: لو أنها قررت منع الحجاب في المدارس العامة والخاصة، ومطاردة المحجبات في الشوارع، لسلَّمنا بصحة زعمكم. لكنها لم تفعل. الذي فعل ذلك وأكثر منه، هو دول إسلامية يعرفها الجميع، تمنع الحجاب علناً، ولم يحرك الأزهر وعلماؤه إلى الآن ساكناً!!
وقالوا: شيخ الأزهر غير مؤهل للإفتاء. قلنا: تلك اسطوانة قديمة. فقد قالوا مثل ذلك عن الشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد عبده والشيخ عبد العزيز البشري.
وقالوا: لقد انفرد بفتواه دون استشارة العلماء. قلنا: ومتى كانت الشورى ملزمة للولي الفقيه المجتهد؟ ألستم من يقول بأن الشورى معلمة لمجرد الاستئناس؟
وقالوا: الأزهر مؤسسة وعلماء لايجوز لأحدهم الانفراد فيها برأيه. قلنا : تاريخ الأزهر كمؤسسة معروف لدى الجميع. وتاريخ علمائه معروف أيضاً لدى الجميع. أليست مؤسسة الأزهر هي التي استقبلت نابليون استقبال الفاتحين وزعمت في بياناتها أنه اعتنق الإسلام؟ أليست هي التي رشحت بإيعاز من بريطانيا الملك أحمد فؤاد لخلافة المسلمين؟ أليست هي التي زعمت أن الملك فاروق من نسل النبي؟ أليس علماؤه هم الذين جردوا علي عبد الرازق من شهاداته وطردوه من عمله عام 1926، ثم أعادوه بعد عشرين عاماً وزيراً للأوقاف؟ أليسوا هم أعضاء لجنة التكفير برئاسة الشيخ البدري والشيخ شاهين؟
وقالوا: إعزلوه. قلنا: سبحان الله. إن كان لايجوز عندكم عزل الوالي ولو ضرب الظهور وصادر الأموال، فكيف يجوز عزل فقيه عن مشيخة الأزهر لفتوى أفتاها؟
باختصار: إن لفرنسا أن تصدر ما شاءت من قوانين ضمن أراضيها، وإن للمسلمين فيها أن يقبلوها ويلتزموا بها، أو ألا يقبلوها ويجدوا لأنفسهم وطناً آخر في بلاد الله الواسعة. الطريف أن أحداً خلال هذه الزوبعة الدينية السياسية لم يخطر له أن يسأل أصحاب العلاقة عن رأيهم في موضوع يخصهم وحدهم .. ألي لهم رأي؟
أما أن الأصل في تشريع الحجاب، فأنصح بالعودة إلى ص 601 – 619 من كتابي الأول "الكتاب والقرآن" ، وإلى ص 331 – 378 من كتابي الرابع " نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي" .
وأما عن أن النساء ناقصات عقل ودين، وأن شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل، استناداً لقوله تعالى } فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى { البقرة 282. فهذا ليس عندنا بشيء لسببين:
الأول: أن الحكم وارد في إطار التداين والبيع والشراء، الأمر الذي لايجوز معه سحب هذا الحكم على إطارات أخرى. الثاني أن الحكم في الآية معلل، أي له غاية وسبب، تماماً مثل قوله تعالى } لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون { النساء 43. والسبب في البقرة 282 هو قوله تعالى } أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى { . والضلال هنا هو النسيان. لكن النسيان علة تطرأ على الرجل تماماً كما تطرأ على المرأة، بدلالة قوله تعالى } ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما { طه 115.
فلماذا قال تعالى } فرجل وامرأتان { ؟ لقد قال ذلك ليس لنقص عقل تكويني عند المرأة يجعلها تنسى وتضل كما توهم مفسرو التراث مدفوعين بذكوريتهم، بل لأن مسألة البيع والشراء كانت محصورة بالرجل وحده زمن التنزيل وهو أقدر من المرأة بحكم تلك الممارسة من ملاحظة تفاصيلها بدقة.
أما عن تركيز القرآن على نشوز المرأة أكثر من تركيزه على نشوز الرجل، فليس صحيحاً. إذ كما قال تعالى } واللاتي تخافون نشوزهن { مرة واحدة في النساء 34، قال أيضاً } وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا { مرة واحدة في النساء 128. واحدة بواحدة دون تركيز أو تمييز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق