الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

العقل العربي عقل قياسي والعقل القياسي لا ينتج

الإصلاح الديني أولا ثم السياسي والإقتصادي
العقل العربي عقل قياسي والعقل القياسي لا ينتج


في الوقت الذي يرى فيه هرم فكري من طراز جلال العظم في شحرور (رغم اختلاف المسار الفكري بين العملاقين) ظاهرة صحية وضرورية ينبغي أن تستمر يرى صرح ثقافي وأدبي من عيار ممدوح عدوان أنه يجب علينا انطلاقا من شحرور التأسيس لفكر ديني مستقبلي على أن تبقى علاقتنا بالتراث تاريخية لا معرفية.
انطلاقا من هذين الرأيين تشجعت على قراءة شحرور ومن ثم مقابلته.
بعد قراءتي لكتب شحرور وجدت أنه من الضروري الاطلاع على بعض الكتب التي تنتقد ما جاء به, غير أنني مع الأسف أصبت بخيبة أمل من المستوى الذي وصلت إليه لغة النقد خاصة ممن اختصاصهم علم الأديان المقارن؟؟
تجدر الإشارة إلى أني استقيت معظم المآخذ التي أخذت على كتاب شحرور وحاورته بها من كتاب (القراءة المعاصرة للقرآن في الميزان) للباحث أحمد عمران.
كانت النية قبل إجراء الحوار الوقوف عند رأي بعض علماء الشريعة وأساتذتها لمعرفة رأيهم في ظاهرة شحرور ثم سرعان ما أقلعت عن الفكرة لأسباب عدة منها اطلاعي حوار الأخير مع من حاورهم من فقهاء وعلماء أزهريين من مصر من خلال أشرطة فيديو استعرتها منه.
فكانت النتيجة اعتمادي على قراءتي لأعمال شحرور وعلى الأفكار والأسئلة التي يطرحها مفكرون كمحمد أركون وحسن حنفي وغيرهما وكان هذا الحوار الذي لم أستغرب بعد إجرائه إرسال شابات وشبان من مثقفي الأردن كتابا إلى الدكتور شحرور يطلبون منه السماح لهم بإيجاد موقع باسمه على الإنترنت ينشرون من خلاله أعماله.

طالبت في بعض مؤلفاتك بضرورة تجاوز فهم التراثيين للنص والقرآن غير أننا نجدك كنت أسير فهم التراثيين ولا سيما على صعيد اللسان العربي, إذ كنت منساقا وراء ابن فارس وثعلب والجرجاني, ومن الطبيعي أن يكون هؤلاء قد استنبطوا بعض نظرياتهم اللغوية من خلال علاقتهم بالقرآن على ضوء الأرضية المعرفية للعصر الذي وجدوا فيه. بمعنى آخر كنت أسير التراث من حيث لا تدري. كيف تفسر لي هذه لمفارقة في منهجك؟
هذه ليست مفارقة نحن نظن أن الإنسانية تقدمت فقط في علوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء والطب...الخ , في حين بقي علم اللغات يرواح مكانه وهذا غير صحيح ومن ثم أنا أنا اعتمدت على اللسانيات الحديثة والمدارس الحديثة كميشيل فوكو ودوسوسور كما اعتمدت على من ذكرتهم من التراثيين إضافة إلى اعتمادي على منهج د. نصر حامد أبو زيد.
و من ذكرتهم في سؤالك لم يكن لأي منهم تفسير وأعتقد أنهم لم يكونوا يتجرؤون. واللغوي الوحيد الذي كان لغويا ومفسرا هو الزمخشري, لكن هذا لا يمنع أن تكون نظرياتهم اللغوية قد تأثرت بالقرآن وقد غلبت النظرة الشعرية البيانية في تفسيراتهم على النظرة الدقيقة العلمية والموضوعية.

التراث الذي أصبح موروثا أراد شحرور الانقطاع عنه من خلال قراءته المعاصرة لكن إذا نظرنا إلى التاريخ الحديث نلحظ أن ذلك التراث الموروث بعجره وبجره كان ينطوي على مخزون نفسي هائل إذ أدى إلى ثورة على أعتى طغاة الشرق (الشاه في إيران) ناهيك عن فعله المتمثل في تحرير الجنوب اللبناني وأثره الواضح في فلسطين, د. شحرور إذا أردنا تجاوز هذا الموروث القابع في البنية النفسية للعصر ما هو البديل الذي بمقدوره تحريك الشارع؟
أولا أنا عندما أدعو إلى قطيعة مع التراث فأنا أدعو إلى قطيعة معرفية لا تاريخية فهذا هو تراثنا ولا يمكن أن نصنع غيره وهو مفروض علينا أصلا لكن أنا عندي إشكالية في القرن العشرين وحلها يوجب علي قراءة النص بأعين القرن العشرين لا بأعين القرن السابع الميلادي بمعنى أني وجدت الفقه الإسلامي رأسه إلى تحت ورجلاه إلى فوق أي أن الفقه الإسلامي يقوم على قياس الشاهد على الغائب فقمت بعملية عكسية إذ قست الغائب على الشاهد.
من هنا أنا لا أدعو إلى قطيعة تاريخية مع التراث بل قطيعة معرفية ناهيك عن أني لا أقبل أن يكون عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن أكثر فهما من ألف وثلاثمائة مليون مسلم على قيد الحياة الآن على قيد الحياة الآن!! مكررا لا أقبل وهذه الأمة التي تقتنع بهذا هي امة لا تستحق أن يكون لها مكانة تحت الشمس ولا تستحق أكثر مما نالته!.
أما بالنسبة إلى البدائل فقد طرح سابقا بدي غربي ليبيرالي وكذلك طرح البديل الماركسي وكما ترى كلها جاءت من خارج الثقافة العربية الإسلامية.
لا شك أن ثقافة هذا الشعب ثقافة عربية إسلامية لذا نحن بحاجة إلى إصلاح ثقافي, وكون ثقافتنا السائدة دينية إسلامية فنحن بحاجة لإصلاح ديني ولنبدأ بالأساسيات أي بالأصول ثم بالفروع ثم بعد هذا نتحدث عن الإصلاح السياسي والإقتصادي وغيرهما من إصلاحات.

ينتقد البعض الطريقة التقليدية لتعليم الدين لأنها لم تعد مناسبة للعصر لأنها تمزق المجتمع وتجعل وعيه مستلبا كما حصل في الجزائر ولبنان حيث التعليم التقليدي للدين رسخ الطائفية في الشباب.... د. شحرور كيف يمكن للدولة العربية الراهنة أن تؤسس لتعليم حديث لتاريخ الأديان دون الاصطدام بالتقليديين ودون حدوث ثورات؟
ببساطة بإدخال علم الأديان المقارن وأعتقد أن أساتذة كلية الشريعة عندنا في الوطن العربي لم يقرؤوا التوراة ولأعطيك مثالا إذا نظرنا إلى الفقه الإسلامي الموروث نرى انه توأم الفقه اليهودي وهذا الشيء لا تلاحظه إلا إذا درست علة الأديان المقارن.

مثلا أين نجد التشابه؟
خذ مثلا قصة الإسراء والمعراج التي وردت في أدبياتنا التراثية لا في القرآن هي نسخة طبق الأصل عن نص يهودي لكن عوضا عن سيدنا محمد (ص) هناك إسحاق.
مأزقنا الحالي يكمن في خلطنا العلم بميثولوجيا بمعنى أن عبد الله بن عباس أروع من كتب الميثولوجيا في التاريخ العربي الإسلامي وهذه الميثولوجيا التي كتبها عددناها نحن تفسيرا للقرآن واعتمدناها على هذا الأساس, إذ اصبحت حقائق موضوعية بينما هي ميثولوجيا لا شك هي ميثولوجيا جميلة جدا لكن عندما عددناها واعتمدناها ترجمانا للقرآن أوقعنا أنفسنا في الأزمة.
ثم يجب أن ندرك أن التريخ الإسلامي في القرن الأول منه هو تاريخ سياسي ولا يوجد له أية هالة قداسة وهذه الهالة من القدسية جاءت من القرن الثاني وما بعده, لذا فنحن ننظر الآن إلى العصر النبوي بمنظار ميثولوجي قدسي بينما هم أي في العصر النبوي لم يكونوا ينظروا إلى بعضهم كذلك بدليل أن ابن عباس وابن عمر كانا يتهم أحدهما الآخر.
معضلة رجال الدين الآن أنهم يحاولون قمعك بالشخصيات التراثية التي يعطونها هالة من القدسية وأكبر مثال على هذا هو عمرو خالد (الداعية الإسلامي) إذ دائما يرددعلى التلفاز : الأمة المهزومة الأمة المهزمة وكل ما يفعله الآن هو تحويل الصحابة إلى ميثولوجيا وأسطورة وقد لاقى استحسانا كبيرا لأن الأمة المهزومة تحتاج إلى ميثولوجيا وخرافات.

ربما هذا يقودنا إلى التساؤل عن كيفية إمكاننا هدم الجدران الميثولولوجيةٍ العازلة بين الأديان الثلاثة وكذلك بين المذاهب المتعددة ضمن الدين الواحد ولا سيما أن المؤمنين في كل دين أو مذهب يعتقدون أنهم وحدهم أصحاب الدين الحق وما عداهم في ضلال.
هذه المسائل لا يمكن حلها إلا إذا أعدنا النظر في الأصول وهذه الأصول وضعت ومنها جاءت هذه الفرق مثلا عندك حديث يقول : ستنقسم أمتي إلى بضع وسبعين فرقة كلها في النار ما عدا واحدة طبعا إذا اقتنعنا بهذا الحديث فهذا يعني أننا نكرس الطائفية والخلاف وفي الوقت نفسه نبتعد عن بأنفسنا عن العالم والإنسانية على حد سواء إذ يستحيا أن يكون موقفنا إنسانيا عندما نقتنع أو نؤمن أن فرقة واحدة في الجنة وما تبقى في النار.

في ظل سيطرة سلطة ثقافية تراثية ما زالت ترى أن أهل الكتاب هم الضالون والمغضوب عليهم وقد تمثلت وجهة النظر هذه مؤخرا في قطر على يد عالم كـ (يوسف القرضاوي), على حد علمي أن القراءة المعاصرة لشحرور تملك وجهة نظر أخرى...ما هي؟
أولا بالنسبة للقرضاوي هو أحسن من يمثل المدرسة السلفية وإذا تناظر أسامة بن لادن وشيخ الأزهر أو القرضاوي فإن ابن لادن هو من ينتصر إذ جميعهم ينتمون إلى المدرسة نفسها لأنه لا توجد مدرستان بل مدرسة واحدة هي المدرسة التراثية والفرق بينهما هو أن واحدا ظل منسجما مع نفسه باستعمال أدوات الفقه التراثية والآخر كان انتقائيا وإلى الآن لم تحدث هذه المناظرة بين واحد من أنصار مدرسة ابن لادن وبين شخص مثل القرضاوي أو البوطي.
ثانيا إذا سلمنا أن المغضوب عليهم هم هم اليهود والضالين هم النصارى يحق لي أن أتساءل ماذا عن البوذيين والكونفوشسيين والهندوس...الخ؟ لماذا نتخذ أولئك دون هؤلاء هل إلهنا هو إله الشرق الأوسط فقط؟! هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن معلومات المفسر التراثي الإسلامي بالديموغرافيا ضعيفة.
قال تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * ولا الضالين). الصراط المستقيم هو الوصايا العشر التي جاءت إلى موسى عليه عليه السلام والوصايا العشر جاءت إلى عيسى عليه السلام وهو أي الصراط المستقيم الفرقان عند المسلمين وهو ثلاث آيات منن سورة الأنعام هي (151 ,, 152,, 153) حيث تتضمن عشر وصايا. هناك بنود في الصراط المستقيم من خرج عنها فهو من المغضوب عليهم وهناك بنود أخرى من خرج عنها فهو من الضالين مثلا قتل النفس قال تعالى : (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه) النساء 93
معنى هذا أن قاتل النفس من المغضوب عليهم سواء كان من أتباع محمد أم أتباع عيسى أم أتباع موسى وسواء كان بوذيا أم هندوسيا...الخ؟ وكذلك الشرك بالله فالمشرك بالله هو ضال من أي ملة كانت.
(مستدركا) و خدعونا عندما قالوا بني الإسلام على خمس وهذه الخمس هي : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا. هذه ليست أركان الإسلام بل اركان الإيمان والشهادة الأولى فقط (أي شهادة ألا إله إلا الله) هي اول أركان الإسلام.

على أي أساس استنتجت أن هذه أركان الإيمان وليس الإسلام ؟
لأن الإسلام هو دين فطرة وتلك الأركان تتنافى الفطرة الإنسانية فالله فطر الناس على الأكل لا على الصوم وفطر الناس على القبض لا على الدفع فأنت تقبض معاشك بالفطرة وتدفع الضريبة بالتكليف كل شيء تحتاجه عندما تمارس فطرتك فهو من الإسلام,قبض الراتب هو فطرة لانك لا تحتاج اثناء قبضه الى قوله تعالى (ولا تبخسوا الناس أشياءهم),(الاعراف 85, هود 85, الشعراء 183) و كذلك عدم أكل مال اليتيم, وعدم الشهادة بالزور, والامتناع عن أداء اليمين الكاذبة...الخ هذه الاخلاق موجودة عند كل أهل الارض, وبالتالي ليست كل مكرمة وكل مبدأ أخلاقي وقفا على أتباع الرسالة المحمدية,لكن كل شيء يحوي مكارم الاخلاق ويأخذ الطابع الانساني الشمولي فهو من الاسلام.
سأضرب لك بعض من الامثلة : الا يبر البوذي والديه ؟ الجواب: نعم, هل يقتل البوذي النفس التي حرم الله ؟ طبعا لا يقتل النفس, وهل الكذب عنده فضيلة او شهادة الزور او اكل اموال اليتامى...الخ؟ بالطبع ليست فضيلة, من هنا هذه المواصفات أو الصفات كلها من اركان الاسلام, اما كل ما هو وقف على اتباع الرسالة المحمدية فهو من اركان الايمان.

ثمة فكرة شائعة في الغرب مفادها ان المسلم لا يمكن ان يكون الا مضادا للعلمانية, ذلك لان الاسلام والعلمانية شيئان لا يتفقان ولا يجتمعان, وهذه الفكرة الدوغماءية راسخة لدى المستشرقين وعلماء الاسلاميات,كما يقول اركون.
د.شحرور سبق ان حاضرت في الغرب,برأيك لماذا ولدت هذه النظرة عن الاسلام دون غيره من الاديان ؟

لان التاريخ الاسلامي ولا سيما القرن الاول منه, أي مرحلة تأسيس الدولة, هو تاريخ سياسي, والاسلام الذي سيطر على الفقه هو اسلام سياسي, لذلك يعتقد العلمانيون أن الاسلام معاد للعلمانية.اذا اخذت منهجي الذي اطرحه انا,ترى ان كل الاجراءات التي قام بها النبي (ص) من عسكرية وتنظيمية وقضائية وسياسية, وكل ما يتعلق بتنظيم المجتمع,هذه كلها ليست شرعا اسلاميا ولا يقاس عليها,هي فقط اجراءات لبناء الدولة وبالتالي هو قام بها من باب النبوة وليس من باب الرسالة, ونحن ملزمون بطاعة محمد الرسول لا طاعة محمد النبي, فقد قال تعالى (واطيعوا الله والرسول). (ال عمران 132).

في وقتنا الراهن ما هي المراحل الفكرية والثقافية والقكرية والتاريخية, التي يجب على العقل الاسلامي قطعها حتى يكتسب الوسائل الملائمة للمساهمة في حل القضايا العالمية التي يطرحها الواقع الراهن ولا سيما على العقل السياسي؟
في الفقه الاسلامي الموروث تجد الشيء وضده, فمثلا عندما حصلت حرب الخليج الثانية, جمعت السعودية فقهاءها, وكذلك جمع العراق فقهاءه, فقهاء الطرف الاول برروا نزول القوات الامريكية في السعودية, وفقهاء الطرف الثاني برروا حرب صدام حسين مع خصومه, وكما ترى كلهم فقهاء وعلماء ولكل حجته ومرجعيته, اما لماذا نجد الشيء وضده أو لماذا ذنك الطرفان وجدا الحجج التي تؤيد رأي كل منهما, لانهما اعتمدا وتبينا مبدأ قياس الشاهد على الغائب, وفي حال كهذه يكون ثوب الفقه الاسلامي فضفاضا, بمعنى تستطيع أن تبرر ما تريد.
أما بالنسبة للمراحل التي يجب على العقل الاسلامي اجتيازها حتى يكتسب الوسائل الملائمة في حل القضايا العالمية التي يطرحها الواقع باستمرار, فأول ما يجب على العقل الاسلامي فعله هو التفريق والفصل بين النبوة والرسالة, بمعنى ان كل الاجراءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية والعسكرية من حرب وصلح, قام بها محمد بن عبد الله بنفسه فهي ليست شرعا اسلاميا ولا يقاس عليها لانه قام بها من باب النبوة, لا من باب الرسالة, فمحمد (ص) كان مجتهدا في مقام النبوة معصوما في مقام الرسالة, ولو كان معصوما في مقام النبوة لما كان الله تعالى قال (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار) (التوبة 119),
استطيع ان اسألك لماذا قال الله تعالى : انه تاب على النبي ولم يقل على الرسول ؟
ما اريد قوله ان ما قام به النبي في مقام النبوة,ما زلنا نعده شرعا اسلاميا أبديا ونقيس عليه وهذا غير صحيح وان لم تحل مشكلة الفصل بين السنة النبوية والسنة الرسولية فلن نصل الى نتيجة.

برايك كيف تحل هذه الاشكالية ؟ وما الفرق بين السنة النبوية والسنة الرسولية ؟
أولا : تقسم السنة الى قسمين, نبوية ورسولية, النبوية هي كل ما ذكرته في الجواب السابق, وكما قلت السنة النبوية غير ملزمة لاحد حتى ولو صحت, ومخطيء من يعتقد ان مشكلتنا في السنة النبوية ان كان قد قال ام لم يقل,لا,قد قال وقد فعل...
اما السنة الرسولية فهي ملزمة لي, وهي العمل الذي قام به محمد ابن عبد الله اول مرة, لم يسبقه اليه احد, كصلاة العصر, مثلا, اذ هو اول من صلى العصر, هذه نأخذها منه, اما ان تقول لي انه كان يأكل بيده اليمنى, أقول لك خيرا ان شاء الله وغيره اكل بيده اليمنى من قبله ومن بعده, هذا الكلام الذي ذكرته لك قلته امام فقهاء وعلماء في النبطية بلبنان.
و بالتالي اصبح القياس على اعمال الصحابة اذ إن اعمال الصحابة عدوها شرعا اسلاميا, مثلا, اذا اوصى رئيس الجمهورية لخلف له, فيقيسون على ان ابا بكر وصى لعمر ويعدون ذلك شرعا اسلاميا ويباركونه, واليك هذه الحادثة : المطعم بن عدي اجار الرسول بعد رجوعه من الطائف,وكان ابو طالب متوفي, فطلب الرسول اجارته فأجاره وهو مشرك ومات مشركا, هذه الحادثة قيس عليها تحليل دخول الامريكان الى السعودية.

هل تعتقد ان بمقدور العرب والمسلمين ان يجربوا انفسهم مستكشفين طريقهم الخاص نحو العلمنة والحرية وحقوق الانسان بمعزل عن الاستعانة بالفكر الغربي وحداثته؟ بمعنى هل نستطيع ان نصل لما نصبوا اليه من خلال صراع جدلي مع تراثنا الديني ؟
الجواب :نعم وكلا.
بالنسبة لـ (كلا) : الذي اسس للديانة المسيحية هو بولس الرسول الذي عن طريقه تم فصل المسيحية عن اليهودية,وكان الفصل برفضه شريعة موسى المتمثلة بالعهد القديم,
تتألف شريعة موسى في العهد القديم من 613 بندا تشريعيا,بولس الرسول الغاها ورآها غير ملزمة ولم يبق الا الوصايا العشر, هذا يعني ان الاوروبيين لم يكن عندهم مشكلة تشريعية وكذلك لم يكن عندهم فقه, وهذا ما سهل عليهم بناء البرلمانات.
نحن ما زالت عندنامشكلة الفقه والفقهاء لذا اعتقد ان مشكلة البرلمان عندنا لن تحل بالسهولة التي حلت بها في الغرب.
اما بالنسبة ل (نعم): فأول عملية اصلاحية اجراها الاوربيون هي عملية الاصلاح الديني.

تقصد حركة الاصلاح الديني التي جرت على يد توما الاكويني؟
توما الاكويني ومارتن لوثر, تصور مع انه ليس لدى الاوروبيين فقه وشريعة ومع ذلك اول اصلاح اجروه هو الاصلاح الديني وقد سبق الاصلاح السياسي!

ربما هذا ما هيأ للثورة الفرنسية؟
بالضرورة, من ثم عند الاوروبيين, كانت السلطة الدينية هي من تعين السلطة السياسية, بمعنى كان البابا هو من يعين الملوك اما نحن فعلى العكس من ذلك, فالسلطة الساسية هي التي تعين السلطة الدينية منذ عهد المتوكل حتى اللحظة, وظهر الى الحياة مفهوم اهل السنة والجماعة منذ ذلك الوقت, مثلا عندك شيخ الازهر يأتي بمرسوم من رئيس الجمهورية, وكذلك مفتي الجمهورية, فكما ترى عندنا دئما رجال الدين في خدمة السلطة, بينما في المسيحية الاوروبية كان رجال السياسة في خدمة رجال الدين, مما اضطرهم الى فصل الدين عن السياسة, ونحن بحاجة الى مثل هذاالفصل واذا لم يتم فسنبقى نراوح في مكاننا.
اضافة الى ما سبق, لان السلطة السياسية عندنا هي التي تعين السلطة الدينية كان من ثمار ذلك ان ظهرت الحركات الاسلامية السياسية المتطرفة التي تبغي جمع السلطتين السياسية والدينية معا وأكبر دليل على هذا في وقتنا الراهن الحركات الاسلامية في مصر فهي ضد الازهر والسلطة في الوقت نفسه.

من المسلم به ان التعاقد والتفاعل بين دولة القانون والمجتمع المدني يأتي من خلال خبرة تاريخية وهذه الخبرة حتى الان لم تنتشر الا في المجتمعات الاوربية والامريكية, فالعقل الاسلامي لم يختبرها في اية مرحلة من مراحل تاريخة, الان يجري الحديث عن مجتمع مدني ودولة قانون, كيف يمكننا الوصول الى هذا في ظل سيطرة سلطة تراثية رحمها التاريخي خاو من اية دولة قانون او مجتمع مدني؟
(جازما) ولا يمكن...فالدولة العربية ما زالت حتى الان دولة فقهية عشائرية قبلية, غير ذلك لا يوجد حزب ناصري ولا حزب شيوعي (المقصود الاحزاب الشيوعية العربية).
و بالنسبة لي, ولا ادري ما اذا كان كلامي هذا يسبب حرجا للجهه الناشرة, عقلية الامين العام للحزب الشيوعي (المقصود الاحزاب الشيوعية العربية عموما)و عقلية شيخ الازهر, عقلية واحدة.

كيف؟
شيخ الازهر يحمل عقلا قياسيا, بمعنى عنده بروتوتايب (PROTO Type) وهو ستريو. هذا هو العقل القياسي,
و العقل الشيوعي كان عنده البروتوتايب, متمثلا بالاتحاد السوفيتي, في حين هو الستريو, ولا ندري ما اذا كان قد حصل تطور في عقلياتهم بعد زوال الاتحاد السوفيتي الذي كان هو النموذج.... نتمنى ذلك.
الاثنان كما ترى يحملان عقلا قياسيا, والعقل السياسي لا يبدع, ولهذا السبب نرى ان المبدعين الشيوعين العرب, على صعيد الابداع الفلسفي الماركسي هم قلة, ذلك لانهم يعتمدون على القياس.
انتجت الانسانية في القرن العشرين ملايين المعلومات, وربما مليارات, تصور ان العقل العربي لم ينتج ولا معلومة!!انا اقول العقل العربي وليس الانسان العربي, واعتقد ان كلامي واضح, لماذا ؟ لانه عقل قياسي والعقل القياسي لا ينتج معرفة, وربما هذا يفسر لنا ان اقتصار المسلمين العرب في فهمهم القران على صعيد الاعجاز اللغوي والادبي, جعل القرن العشرين ينجب شعراء وادباء غير انه لم ينتج علماء علميين

برأيك هل هو السبب كذلك, في عدم انجابنا في هذا العصرلنقد تاريخي يرقى الى مستوى مقدمة ابن خلدون, او نقد ادبي بمستوى ابن جني والجرجاني, والامر نفسه في الفلسفة (كاالموافقات) للشاطبي, وعلم الكلام (كمقالات الاسلامين) للاشعري.
طبعا السبب هو تحولنا الى ستريو, فنحن حتى اليوم نعد الغزالي حجة الاسلام, والشافعي مؤسس الفقه...الخ.
سأضرب لك مثالا أوضح من خلاله كيف تحولنا الى امة اقزام, عندما جاء الشافعي الى مصر كان عدد سكانها كما اعتقد نحو مليون نسمة, اليوم عدد سكانها يزيد عن السبعين مليونا, ومع ذلك أقنعوا مصر, واقتنع سكانها بأن مثل الشافعي لن يأتي.!!؟
تصور كيف غدونا أقزاما!! والسلطة الساسية بالتعاون مع السلطة الدينية,عملتا على تقزيمنا, وقد تكون الثانية فاقت الاولى في هذا المضمار.

انت الذي يرى ان العلة كامنة في المجتمع اكثر مما هي كامنة في السلطة, بمعنى ان تأطير الاستبداد دخل من بابين, أولهما فقهي, متمثل بطاعة أولي الامر من غير ان نسأل كيف أصبحوا أولي امر, والثاني : فلسفي, من خلال العقيدة الجبرية المتمثلة بالرزق المقسوم والعمر المحتوم, علما اننا نعرف ان هذه العملية قديمة, اذ قال المعري :
اثنان اهل الارض :ذو عقل بلا * دين واخر دين لا عقل له
وقال المتنبي :
أغاية الدين ان تحفوا شواربكم * يا أمة ضحكت من جهلها الامم
علما ان هذا الكلام لم يقل من فراغ, وعندما لم يكن عندنا لا استعمار ولا امبريالية...الخ في حال كهذه, كيف السبيل الى ما نصبو اليه من تفعيل للمجتمع؟

امامنا طريق طويل, ولا يمكننا تفعيل المجتمع, من غير اجراء اصلاح ديني.
ثمة مقولة يرددها الفقهاء دائما, مفادها : ان اكثر الناس ابتلاء هم الانبياء, ثم الادنى فالادنى... ترى الا يحق لي ان اسأل هؤلاء الفقهاء : لماذا كان الانبياء هم اكثر الناس ابتلاء ؟ لقد كانوا كذلك لان مهمتهم كانت تنطوي على تغيير عقول الناس, ولا يمكن ان توجد مهمة اكثر ابتلاء وصعوبة من هذه, ونحن اذا لم تحصل ثورة اصلاحية على صعيد الدين, فسنبقى نراوح في مكاننا, قد يأتيني أحدهم ويسألني ان كنت اكثر فهما من الشافعي, بالتأكيد سأجيبه بنعم, لكن جوابا كهذا يبدو غريبا جدا على مسامعه.
اذا كان شعور الشعوب الاسلامية والعربية, ما زال قائما على سيكولوجيا الاضطهاد, ربما نرى ذلك متمثلا في قابلية هذه الشعوب لتأليه الحكام, الذين يدركون ايضا ان الدين انجع وسيلة للسيطرة على هذه الشعوب, د.شحرور برأيك كيف السبيل لتأسيس شعب معافى ومتحرر من تلك السيكولوجيا ؟
لا سبيل الى ذلك ما لم تحل مشكلة التراث, الذي ما زلنا متمسكين به, نحيا دائما في الماضي, ناهيك عن اننا لم نجرؤ على تقديم البديل..
قطعا لن نختلف بأننا نملك حضارة عربية وكذلك حضارة اسلامية, لكن هل هذا يعني ان نبقى متكئين عليهما ؟! بالتأكيد لا, هذه المشكلة لن تحل اذا لم تحل مشكلة السنة النبوية, التي هي الاخرى ان لم تحل فسيبقى البخاري بعصاه يقود ألفا وثلاثمئة مليون مسلم, يجب ان نقتنع بأن لدينا مثل الشافعي وأفضل منه, وأنه لدينا مثل ابن عباس وافضل منه.
ما اريد قوله ان الشعب العربي شعب مخصي فكريا وسياسيا, اصولا اذا نظرت الى سنة وقوع الانتفاضة الاولى, ترى انها وقعت عام 1987, اي بعد هزيمة حزيران بعشرين عاما, وفي هذه الفترة الزمنية الفاصلة بين الحدثين نشا جيل نما وترعرع بعيدا عن كنف الانظمة العربية, ولانه نما بعيدا عن رحم الانظمة العربية والسلطات العربية صنع الانتفاضة, ولولا ذلك,ربما, لما كانت حدثت!
اكرر ان الشعب العربي شعب مخصي فكريا وسياسيا, وقد تعاون على اخصائه كل من رجال الدين ورجال السلطة.

د.شحرور تقول ان جميع مافي الكون مادي, والعقل الانساني قادر على معرفته وادراكه, ترى هل الروح مادة؟
كلا

اذا لماذا لم يتعرف العقل على ماهيتها؟
دعني اشرحها لك (يمسك ورقة مكتوبا عليها) هذه الورقة والحبر عليها,هما مادة, لكن هل معاني الكلمات التي خطت بالحبر مادة ؟ قطعا ليست مادة, هذه هي الروح,الروح هي العلم والتشريع والمعرفة.
اول ما نفخ الله الروح في الانسان بدأ بتعليمه التجريد, اعطيك مثالا :الورقة مشخصة, لكن هل التوبة مشخصة ؟ كلا لذلك قال تعالى :(وتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه) (البقرة 37) انظر كيف بدأ بالتجريد وكل من تجرد تأنسن, ومن لم يتجرد يبقى بشرالا يتأنسن.
قال تعالى :(ويسألونك عن الروح قل ان الروح من امر ربي) (الاسراء 85) معنى هذا ان بر الوالدين روح, لانها من اوامر رب العالمين, واوامره نافذه, وقال تعالى : (وما اوتيتم من العلم الا قليلا) (الاسراء 85), يعني معلومات من هنا نجد ان الوحي لمحمد كان اوامر ومعلومات, لهذا السبب سمي جبريل بالروح, لانه كان ناقلا للاوامر والمعلومات معا, اذا الروح هي المعرفة والعلم والتشريع.

من المعروف ان كلمة مصطلح هي لفظ يطلق على العرف الخاص الذي هو اتفاق طائفة مخصوصة من القوم على وضع الشئ او الكلمة, د.شحرور كثيرا ما استخدمت هذه الكلمة في كتبك, اتفاق اي قوم كنت تمثل, حتى استخدمتها بكثافة؟
عندما يمارس الانسان الفكر يضع المصطلحات التي تناسبه, فاذا كانت مهمة العلوم دراسة الوظائف, كوظيفة الشمس والقمر...الخ ومهمة الفنون دراسة الاحاسيس, فان مهمة الفلسفة دراسة المفاهيم, اصلا الثورة الفلسفية هي ثورة في المفاهيم, على الصعيد الشخصي اخذت المصطلحات عشر سنوات من وقتي وقد استهلكت وحدها مئتي صفحة من كتابي وهي الاساس عندي, فمن خلالها حللت مشكلة القضاء والقدر.
اما اتفاق من كنت امثل, فاستطيع القول ان صاحب الاكتشاف هو الذي يحق له ان يسمي اكتشافه بما يشاء, وسيأتي اليوم الذي سيتواضع فيه الناس ويقبلون هذه المصطلحات.

اثار كتابك الاول (الكتاب والقرآن) زوابع وعواصف تمخض عنها ثلاثة عشر كتابا ومئات المقالات, اتت كليا لتناقضك, دعنا نقم بجولة في رحاب بعض ما اخذ عليك
قبل ان نبدأ هذه الجولة احب ان اقول لك شيئا ابين لك من خلاله كم هو المجتمع العربي مجتمع بطركي ذكوري, وكيف اختزلوا الاسلام في ساقي المراة, في مقدمة كتابي الاول قلت ان ايات الارث ليست من القران, بل من الكتاب, هذه لم (تنرفز) احدا من الشيوخ, لكن عندما قلت اذا راى الاب ابنته عارية مصادفة, وتحرج, انتبه اقول مصادفة, فهذا من باب العيب وليس من باب الحرام, هنا اقام المجتمع البطركي الدنيا ولم يقعدها, انظر الى ضحالة فكرهم!

رأى بعض منتقديك ان ما اتيت به لم يستطع ان يكون فقها, فلا هو في مستوى التشريع الاسلامي, ولا هو في سوية اي من تفاسير القران مثل : ابن كثير,الطبرسي,الطبري, سيد قطب,و هذا البعض يأخذ عليك انك لم تستعرض من ايات القران الا نحو المائتين, في حين عدد اياته 6616 اية, انطلاقا من هنا رأوا ان قولك قراءة معاصرة ينطوي على الكثير من المبالغة, واستطيع ان اضيف انك تعهدت في بداية كتابك بالقيام بعملية مسح شامل لايات القران.
اولا : انا لم اضع تفسيرا, بل هو منهج للتعامل مع الكتاب, وكل ما فعلته في كتابي الاول هو نماذج,ناهيك عن اني على الصعيد الشخصي ضد كل تفسير, لانه لا يمكن لاي انسان ان يفسر, وتفسير القران من قبل شخص واحد بعد اي كلام, ناهيك عن ان التفاسير التي وضعها ابن كثير والطبرسي وغيرهما, انما تعكس الارضية المعرفية لعصرالمفسر.
ثانيا : بالنسبة الى ما كنت قد تعهدت به, فقد مسحتها مسحا شاملا بالمصطلحات, مثلا عندما فرقت بين الربوبية والالوهية, اتيت بكل الايات المتعلقة بهما, وكذلك بقية المواضيع التي تطرقت اليها, كالربا مثلا وفيه سبع ايات اتيت بها جميعها.

وضعت في كتابك (الكتاب والقران) ست قواعد لتأويل القران, اولهما التقيد باللسان العربي, وقد سبق ان وصفت في الكتاب نفسه داروين واينشتاين ونيوتن..بالراسخين في العلم والمؤولين الحقيقيين, ومنحتهم لقب العلماء الربانيين.
د.شحرور هل كان من ذكرتهم من علماء يجيدون اللسان العربي ؟ وهل تعتقد انهم قرؤوا القران مؤولين اياته التي الت في مخابرهم ومعادلاتهم الرياضية الى قوانين بني على اساسها الحاسوب والفاكس...الخ؟

اولا : ليس بالضرورة ان يكونوا قرؤوا القران, وعلومهم هي من الربوبية لا من الالوهية اذ ان علم علماء الدين من الالوهية, واذا كان اعجاز القران هو في البلاغة والفصاحة, فنحن بغنى عن البلاغة والفصاحة, من ثم هل تعتقد ان الشخص الانكليزي او الفرنسي اذا اراد ان يرى اعجاز القران فعليه تعلم اللعة العربية ؟ هذا اصبح تعجيز لا اعجازا, الاعجاز ان تقول للانكليزي عندك داروين ونيوتن وشكسبير , لغة نيوتن علمية ولغة شكسبير شاعرية, ترى هل يستطيع نيوتن بدقته ان يعكس جمال شكسبير, وهل يستطيع شكسبير بجماليته ان يكتب باللغة التي كتب فيها نيوتن ؟
الجواب : حتما لا. حينذاك تقول للانكليزي نحن في الكتاب لدينا هذان الشيئان, الفصاحة والدقة, نحن لنا اربعة عشر قرنا نأخذ شكسبير دون نيوتن, انا الان اريد نيوتن لا شكسبير.
ثانيا : بالنسبة للتأويل فقد عرفته فيما يلي : هو ما تنتهي اليه الاية من حقيقة موضوعية على ارض الواقع, بغض النظر عمن جاء بها, وهذا غير التفسير, قال تعالى (قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق) (العنكبوت 20) و حاشا لله ان يكذب علينا, بمعنى ان الذي سار في الارض اسمه جورج او ريتشارد وليس عبد السميع او محمدا ماذا اسميه انا ؟ من هنا فالمؤول الحقيقي هو الذي يجد الحقيقة ويكتشفها, لهذا السبب قال تعالى (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) (الانعام 67) (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم الحق) (فصلت 53),

تقول ان القران يحتوي على جميع النظريات والقوانين العلمية من علم احياء وفيزياء وطب....الخ, وترى ان جميع ما يضعه العلماء من نظريات ويستخرجونه من قوانين مأخوذة منه...
(مقاطعا) لا... ارجو ان تصوب, القرآن دليل ايماني وليس دليلا علميا, اما ما اقصده ان نظرية المعرفة الانسانية فهو موضوع فلسفي بحت, وهذه النظرية اذا اتبعناها تؤدي بنا الى الطب والفيزياء...الخ, اما القران فلا يوجد فيه هذا, وعلى اتباع الرسالة المحمدية تقديم الدليل العلمي على مصداقيته واذا كنت قد ذكرت ما سألتني اياه في كتابي الاول, فقد صوبت ذلك في كتبي اللاحقة.

أخذ البعض عليك,توزيعك لانشطة القران, ارجو المعذرة على صيغة السؤال, بطريقة لا تفهم, مثل قولك : القران في اللوح المحفوظ, واللوح المحفوظ هو لوحة التحكم في الكون الذي برمج القران داخلها, او كقولك : الكتاب المكنون هو البرنامج الذي تعمل بموجبه قوانين الكون العامة كمعلومات أو كقولك : الإمام المبين يتضمن أرشفة الأحداث التاريخية وقوانين الطبيعة.
د. شحرور على أي أساس وزعت هذه الأنشطة للقرآن وهل تعتقد أن بإمكان القارئ حتى العلمي فهمها.؟

بالنسبة إلى أنشطة القرآن: نحن عندنا التاريخ الإنساني والنشاط الإنساني الواعي وهناك قوانين للطبيعة ويدخل العمل الإنساني في عالم الممكنات قبل وقوعه ويدخل في عالم الحتميات بعد وقوعه لأنه لا راد له ولا رجعة. عندما يقع هذا الحدث بالذات تتم أرشفته إذ يؤرشف بعد وقوعه أو أثناء وقوعه أرشفة هذا الحدث هي الإمام المبين, لذا أقول إن القصص القرآني جاء من الإمام المبين لأنه لا علاقة له بأحداث الكون, إنما هو كما قلت أرشفة أحداث الإنسان والطبيعة, فمثلا عندما قال تعالى (وجاؤوا أباهم عشاء يبكون, قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف) (يوسف 16) هذه القصة في سورة يوسف حدثت قبل البعثة النبوية بألف عام وأرشفت, لذا لا تحمل الطابع الأزلي وبالتالي لا علاقة لها باللوح المحفوظ.
أحمد بن حنبل يرى أن قوله تعالى (الله لا له إلا هو الحي القيوم) (البقرة 225) و (جاؤوا أباهم عشاء يبكون) كلها كلام الله وكلها أزلية وهذا غير صحيح لأن (جاؤوا أباهم يبكون) حدثت قبل بعثة محمد بألف عام وهي ليست كلام الله إنما كلام أولاد يعقوب لأبيهم. هذه المشكلة أوقعنا بها أحمد بن حنبل عندما قال: المصحف كله كلام الله هناك أشياء منقولة بأمر من الله بوساطة جبريل من الامام المبين إلى محمد.
الآن أصبح من السهل فهم ذلك علينا طبعا بوجود الكومبيوتر فالسوفتوير هو الإمام المبين.

ألا تعتقد أن القارئ يستنتج من هذه البرمجة التي تعني التبويب والترتيب أن الله عز وجل وهو الكمال المطلق المنزه عن النقص والنسيان يعتمد البرمجة لأنه ينسى؟
لا أنا أقول هذا لأن الله عز وجل ليس بحاجة إلى أن يهدي نفسه وبعث الكتاب هداية للناس والناس لا يفهمون إلا بهذه الطريقة وإذا كان الله قد أنزل الكتاب لنفسه هذا شيء وإذا كان قد أنزله لنا فهذا شيء آخر.

تقول في مكان آخر إن علم الله بالطبيعة إما علم مبرمج سلفا في اللوح المحفوظ (القرآن المجيد)... وإما علم في كلية الاحتمالات لظواهر الطبيعة الجزئية القائمة على الأضداد التي نفهمها من خلال الرياضيات والتي سماها (كتاب مبين) أين كان علم الله بالطبيعة قبل ظهور نبوة محمد وقرآنه؟
أولا بالنسبة إلى العلم المبرمج في اللوح المحفوظ أي أن الله تعالى لا يخضع للمباغتة والمفاجأة... أما أين كان علم الله, فالقرآن الذي هو نبوة محمد وقد تحول في ليلة القدر إلى العربية هو في الأصل موجود قدم الزمان لأنه يحوي قوانين الكون والقوانين الناظمة للوجود. مثلا قانون الذرة ألم يكن موجودا قبل أن نعرفه ؟ بالتأكيد كان موجودا وكذلك نبوة محمد (القرآن المجيد) كانت موجودة قبل أن يعطيه الله إياها. لكن هذا لا يعني أن علم الله فقط هو القرآن, من الخطأ أن نعتقد ذلك.

رأى السلف أن السبع المثاني قد تكون الفاتحة أو السبع الطوال أو أنها القرآن كاملة... د. شحرور تقول إنها أصوات تشكل الشيفرة الكونية التي تستطيع أن تتعارف وتتلاقى بها الكائنات من مختلف الأكوان...الخ كيف تبسط قولك هذا للقراء. ؟
السبع المثاني هي مقاطع صوتية وليست كلمات, وهذه المقاطع الصوتية يتشكل منها الكلام الإنساني. لأن الكلام الإنساني هو مقاطع صوتية ومن ثم هي ليست لغة فـَـ (ألم, ألمص) لا يمكن أن يقال أنها لغة عربية كما أن (ألم) موجودة في اللغات كلها وبالتالي إذا قالوا الكتاب عربي فهذا غير صحيح لأن (ألم) من الكتاب وهي ليست عربية ويبقى هذا مجرد رأي ولا أستطيع تبسيطه أكثر من ذلك لأن ظاهرة الأصوات هي ظاهرة كونية قد تكون شيفرة كونية وقد تكون شطحة ربما أطورها في المستقبل عن طريق الرياضيات.

خصصت قسما كبيرا من كتابك الأول للترادف في اللغة العربية غير أنك أغفلت الفروق بين الأفعال إذ لم تبينها مثل (بعث وأرسل) و (حلف وأقسم) كنت انتقائيا لماذا؟
ليس بمعنى الإنتقائية وإنما أغفلت المواضيع التي لا تلزمني, أعطيك مثالا عندما لزمتني (جاء وأتى) خصصت لها بحثا كاملا

د. شحرور من المآخذ التي تؤخذ عليك تعمدك إعدام الترادف وشطبه من اللسان والمعاجم العربية ما الذي دفعك إلى هذا؟
لأنه في لغات الأخرى لا يوجد ترادف.

بعض من انتقدك كان يحبذ أن تعترف بأن هناك أئمة وعلماء في اللغة قالوا بالترادف كما أن هناك آخرين قالوا بنفيه بمعنى مرة أخرى أنك كنت انتقائيا.
أنا من الذين يخالفون القائلين بالترادف. إذا أخذت نظريات القائلين بالترادف وطبقتها على المصحف فلن تصل إلى نتيجة وما أخرج به كلام جميل, الذي يملك عقلية شعرية يحب الترادف لأن الشعر لا يعيبه الترادف أما الذي يملك عقلية علمية فإنه لا يحب الترادف.

أخيرا : آثرت الاستمرار في العزف على قيثارتك غير آبه بقضاء ما تبقى من العمر في الدفاع عن لحنك هل يا ترى السبب هو الإيمان العميق فيما ذهبت إليه ؟ أم هو الهروب من المواجهة على بعض ما كتبت؟
السبب الذي يدفعني للإستمرار في عزف لحني هو الإيمان العميق بأن هذه الأمة مضى عليها ألف عام وهي نائمة وتحتاج إلى من يوقظها أما لماذا لا أرد على خصومي فلأن هؤلاء الذين انتقدوني أصبح لهم ألف عام يتجادلون من دون أن يتقدموا خطوة واحدة ناهيك عن أنهم لم يقدموا لمجتمعاتهم شيئا وناهيك عن أني لا أريد أن أضيع وقتي وأهدره في الترهات فقد ألفت بعد الكتاب والقرآن ثلاث كتب أما أن تسميه هروبا من المواجهة فهذا غير صحيح بدليل أني واجهت أناس مؤهلين للمواجهة كرئيس قسم الفقه في الأزهر ورئيس كلية أصول الدين وسواهما والجميع يعرف هذا.
أحترم نقد منير الشواف في كتابه (تهافت القراءة المعاصرة) لأنه تعب على رده أما البقية فقد انحصرت معظم ردودهم في السباب والشتائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق