الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

لقاء الدكتور محمد شحرور مع منتدى الشرفة الحواري

لقاء الدكتور محمد شحرور مع منتدى الشرفة الحواري

الجزء الأول


اسم السائل: الرازي
أثار الدكتور / محمد شحرور حفيظة الكثيرين بأفكاره المغايرة لواقع ظل الناس عليه قروناً، وخالف ما هو شائع لديهم منذ أمد بعيد، شخصية جدلية بسبب ما تطرقت له من موضوعات فكرية لتخرج العقل العربي من الجمود.
تناثرت الأقوال في كتاباته بين محرّم لقراءة كتبه، ومنفر منها، وبين محرض لها ودافع لقراءتها.
يقول الدكتور / محمد شحرور: " لا أقبل الجلوس عند أقدام (ابن عباس) و(الشافعي) "
ومن هنا كانت لضيفنا مع الحياة قصة، بدأها بقراءة الموروث بعين المجدد، وفحصها فحص المستبين للحقيقة بعقل المفكر.
واجهته العقبات فكانت له عوناً، واستوقفته الصعوبات فكان لمسيرته زاداً، عمد إلى الأصل في تحكيم الأمور، وأهمل الفائض من موروث بالٍ، وألغى القيود من تراكمات فكرية، ونزح للحوار في بيئة الرأي الأوحد، ألّف المؤلفات، وحدد الوجهات، وانتقى المطيّات، فبلغ المراد.
علمه جمّ غفير، وحلمه فيض غزير، أجرى القلم فشهدت الأوراق بتميّزه، وأسال المداد فأكدت الحروف بجدته، لم يرغب في كفاحه محمدة، ولم يطلب في مسيره مغنمة، سوى الرقي والترقي، قرأ ما قرأه غيره، وأخرج ما لم يقبله عصره، آمن بما قال، وقال بما يؤمن، جابهوه فازداد ليناً، عارضوه فأتى بالعقل دليلاً.
و من هنا، من على ( الشرفة ) " منبر الفكر العربي الحر " حيث للنور شعاع لا يكاد يحجبه شيء، التقت الأهداف، وانسجمت الغايات، وما وجود الدكتور / محمد شحرور في هذا اللقاء إلا دليل على السعي الحثيث في كسر الجمود الفكري وخروج من الرتابة العقلية، فالشكر له على منحه إيانا هذه المساحة لكي ننهل من علمه، فله قدر لا ينكره أحد، وله قامة لا يعمى عن حجمها إلا جاحد.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إني أتوجه بجزيل الشكر إلى موقع الشرفة، وأرجو أن يكون اسماً على مسمى كما عرَّف الموقع عن نفسه بأنه منبر الفكر العربي الحر. وأرجو من الله أن أكون عند حسن ظنكم.
والحقيقة أنني مشغول الآن بأمرين اثنين وهما: أني أترأس فريق عمل لترجمة أفكاري الرئيسية من الكتب الأربعة وجزء من الكتاب الخامس الذي بصدد إنجازه، إلى اللغة الإنكليزية، والعمل مرهق جداً لأن المهم هو (أنجلزة) الأفكار وليس ترجمتها. ومن أجل ذلك قمت بتلخيص المنهج اللغوي والمعرفي الذي اتبعته في كل كتبي في 40 بنداً وعشرين صفحة مع المصطلحات كلها، وأنوي أن أنشرها قريباً في كتيب منفصل.
والأمر الثاني هو سؤال السيد المنار وهو أنني أقوم بتأليف كتابي الخامس، وقد شارف على الانتهاء ومواضيع هذا الكتاب طرحتها منذ عام 1994 في كتابي (الدولة والمجتمع). والآن أقوم بالإجابة على بعض المواضيع وهي:
1 – مفهوم جديد لمقاصد الشريعة.
2 – هل يوجد قصص محمدي ضمن القصص القرآني، علماً بأن القصص القرآني يحوي العبرة ولايحوي أي تشريع. فسورة يوسف فيها عبر ولايوجد فيها تشريعات. وبالتالي أحداث القصص المحمدي (بدر – أحد – الخندق – تبوك – فتح مكة) على غرار أحداث موسى وعيسى ويوسف هي أحداث وليست تشريعات، وبالتالي ليست جزءاً من الرسالة.
3 – لقد قسم القرآن التاريخ إلى عصرين: عصر الرسالات، وعصر مابعد الرسالات. ففي التنزيل الحكيم ذكر عصر الرسالات حتى انتهى هذا العصر بمحمد (ص). ولكن نحن نعيش الآن عصر مابعد الرسالات. وبهذا نستطيع أن نقيم كثيراً من المفاهيم التي ظهرت في عصر الرسالات بما فيها الرسالة المحمدية.
4 – ماهو موقف التنزيل الحكيم من سورة التوبة وبقية السور في ضوء ماتقدم بدون اللجوء إلى مفهوم الناسخ والمنسوخ، حيث لايوجد ناسخ ومنسوخ في التنزيل الحكيم، وإنما هو بين الرسالات فقط. أي ماهو الفرق بين النص التاريخي وتاريخية النص.
5 – مفهوم الأصنام والتماثيل والأوثان.
6 – بحث في الخمر وملك اليمين.
7 – بحث في الحرية وقوله تعالى (ولله الأمر من قبل ومن بعد).
8 – بحث في الولاء والبراء وعلاقته بأولي الأمر.
9 – بحث في الجهاد بشكل عام، والعنف بشكل خاص.
أرجو أن أنتهي من هذا الكتاب في أواخر شهر أغسطس من هذا العام 2007، وأرجو أن يتم إصداره في نهاية هذا العام.
ولكم تحياتي وشكراً لاستضافتي..

اسم السائل: بن حيان
تحيه طيبه وبعد
أهلا بضيفنا الكريم الذي لا تخلوا اطروحاته من الإشارات والإضافات المثمره والتي يحتاجها الخطاب الديني ليظل مواكبا لروح العصر.لا أنكر أني حينما أقرأ لك تأخذني التأملات والخواطر العميقه التي خرجت من رحم العقل والمنطق , ومنهجيتك أراها أقرب الى نفسي من طرق البعض في التعامل مع النصوص بتشنّج وحدّيه وسطحيه في أحايين كثيره جدا. لا أريد الإطاله لذلك سأطرح أسئلتي:
أنت تحمل دكتوراه في الهندسه ثم في تحول ملفت إتجّهت الى الدراسات الدينيه وهي بعيده كل البعد عن دراستك وإختصاصك , فهل هذا يعني أنك لا تؤمن بالتخصص ؟
من خلال النزر القليل الذي قرأته لك د. محمد شعرت أنك ترى أن الفهم الصحيح والإدراك السليم للإسلام بمقاصده وتشريعاته وأحكامه يجب أن يكون مرجعنا فيه القرآن , والقرآن فقط وبعيدا عن تفسيرات وشروحات من سبقنا , فهل هذا يعني أنّك قرآني ؟ فإن كان إستنتاجي صحيحا فماذا عن السنّه والتراث الإسلامي الذي ورثناه من ( السلف ) ؟
قرأت لك أنك معتقد بأن الحجاب له بُعد طبقي وتاريخي وهو عرف إجتماعي توارثته الأمه كابر عن كابر وليس له أي أصل في الدين الإسلامي , ضيفنا الكريم هلاّ أوضحت وأسهبت لنا في الحديث بخصوص هذه المسأله وأجليت ضبابيتها التي غشت أفئدتنا وعقولنا ؟
عزيزي الدكتور لماذا تندر الحوارات والنقاشات بين المفكّرين والعلماء , ألا تتفق معي أن الثقافه والفكر الإسلامي يمر بمرحله حرجه تتطلب تعاونكم معا لتجديده وتطويره ؟
يتفق الكثير من المفكّرين بأن المسلمين لم يمروا في تاريخهم الطويل في حاله أسوأ من هذه الحاله التي يعيشونها , حتى أن عدد غير قليل منهم يكاد أن يجزم بأنه لا يوجد بصيص من أمل في الأفق للخروج من هذا التيه الفكري والسياسي , بل أصبحنا نرى أنهم بدأوا يعزفون على وتر العلمنه لإحياء العقول وتنشيط الفكر باسم الحداثه ونستطيع أن نرى رهانهم عليها تعدّى أشواطا بعيده من القول ليدّعموه بالفعل , ضيفنا العزيز , هل ترى أن مطالبة هؤولاء المفكرين بفصل الدين عن الدوله أو كما يسمّيها البعض اقامة الحياة على غير دين هو الحل لهذه الفوات الحضاري الذي نعيشه ؟
تحياتي لك

إلى السيد إبن حيان:
أولاً أنا أؤمن بالتخصص، ولكن لاأومن بالمدرسية. فأنا لاأؤمن بالتخصص على مدرسة الشافعي أو ابن حنبل وغيرهم. وبهذا فإن الثقافة تعيد إنتاج نفسها والبشرية لم تتقدم إلا على أيدي الهواة الذين استحوذت عليهم فكرة ما، وأرادوا الرهان عليها أو تنفيذها، وأنا من هؤلاء. لقد قرأت كل التفاسير تقريباً ولم تقنعني وأردت أن أعرف هل تم تأسيس فكرة الحرية واحترام الإنسان في الأدبيات التراثية فلم أجد. أما فيما يتعلق بالتخصص فأنا مهندس مختص بهندسة الأساسات وميكانيك التربة، وأنا ناجح جداً في عملي كمهندس وأحقق دخلاً جيداً ولم أحتج يوماً لأحد. وأعلت نفسي وعائلتي من عملي كمهندس. ولكنني أعترف أنني لم أساهم في تقدم علم الهندسة. يوجد عندي حسٌ هندسي جيد ولكنني لست مبدعاً في الهندسة. أما فيما يتعلق بالدين، فإني أريد أن أوجه سؤالاً هاماً إلى السادة اصحاب الاختصاص في الدين وهو: هل إرسال الناس إلى الجنة يحتاج إلى اختصاص؟ هذا هو السؤال المهم. لقد قرأت القرآن وقال عنه تعالى (هدى للناس) وأنا من الناس. وقال سبحانه عن الكتاب أنه (هدى للمتقين) وأنا أريد أن أكون واحداً منهم ووجدت طريقي أن أكون واحداً من داخل التنزيل الحكيم وليس من خارجه.
أما قولك أنني قرآني، وماذا عن السنة والتراث الإسلامي. إن كلمة قرآني يطلقها الساة العلماء الأفاضل كما لو أنها مصيبة بحق صاحبها، فهل يمكن لكتب الحديث أن يكون لها قيمة بدون التنزيل؟ ولكن آيات التنزيل الحكيم لها قيمة بدون كتب الحديث ولاتفقد قيمتها.
الأمر الثاني هو علينا أن نفرق بين الإسلام والأسلمة. فالإسلام واحد فقط وهو التنزيل الحكيم مابين دفتي المصحف، وهو وحي من الله ومقدس وليس تراثاً، لأن التراث نتاج إنساني. وقدسية التنزيل أتت من اسم الله القدوس وهو مخرج الحياة، وهذا يعني أنه جاء من حي إلى أحياء في القرن السابع. وهو الآن حي جاء إلى أحياء في القرن العشرين وفي القرن الواحد والعشرين.
فالكتاب واحد أما تشخيص الإسلام على أرض الواقع فهو عملية سوسيولوجية إنسانية بحتة وتتعلق بالأمور التالية:
الإسلام ( ISLAM) هـــــو التنزيل الحكيم مابين دفتي الصحف وهو واحد لاإثنان ولا ثلاثة.
أسلمة الواقع وهــــــــو نشاط إنساني(نظام معرفي + الأرضية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية).
وأول أسلمة للواقع حصلت في عهد الرسول (ص) في القرن السابع الميلادي وهي الأولى وليست الأخيرة، والثابت في الإسلام هو الشعائر، لذا فهي أركان الإيمان لأنها ليست حنيفية. أما ماتبقى فهو يحمل الصفة الحنيفية. والشعائر هي السنة الرسولية وماعدا ذلك فهو سنة نبوية ظرفية تاريخية صحت أم لم تصح. ومع الأسف لم يتم هذا التقسيم الواضح بين السنة الرسولية والسنة النبوية. وحصل خلط كبير بينهما. وأحد أسباب الفوضى والارتباك في الفقه الإسلامي وعند المسلمين هو هذا الخلط. لذا فالتراث الإسلامي هو نتاج غير مقدس. فنحن لدينا الآن نظماً معرفية جديدة وبأوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة، فلدينا قراءة مختلفة وهي ستكون تراثاً أيضاً.
بالنسبة للحجاب فهو ليس من أركان الإسلام ولا من أركان الإيمان، وإن التركيز على الحجاب لهذه الدرجة الكبيرة يدل على أننا أمة مأزومة ومهزومة، لم نستطع أن نجاري الغرب حتى في القيم. فالوفاء بالمواصفات والقضاء النزيه وعدم شهادة الزور والصدق في المعاملة والوفاء بالمواعيد والعناية بالضعفاء والمعاقين، كل هذه الأمور سَبَقَنا الغرب إليها فلم نستطع أن نقدم له أي قيمة إضافية لذلك بحثنا عن ظاهرة ما وسلوك غير موجود عند الغرب فكان الحجاب، واعتبرناه قيمة وركزنا عليه لأنه غير موجود عندهم، هذا كل مافي الأمر وبدون مزاودات. ومع الأسف الحرية عندهم قيمة، وعندنا الحجاب قيمة أهم من الحرية.
إن عدم وجود حوارات بين المفكرين مرده إلى أن التواصل صعب، ولأن الإبداع محجور عليه، ولأن تسمية الأشياء بأسمائها ووضع النقاط على الحروف مازال يعتبر قلة أدب ووقاحة.

اسم السائل: روبن هود
أهلاً وسهلاً ضيفنا الكريم

ازدانت الشرفة بوجودكم... ضيفنا العزيز...

1- وضع الكثير الدارسين والباحثين محمد شحرور من ضمن فئة مفسري القرآن المؤدلجين أو ماوصفه احميده النيفر في كتابه (الإنسان والقرآن وجهاً لوجه) والذين يتبعون التيار الأيدلوجي ويرتكز فيه العمل التفسيري على وضع لإجابة عن أسئلة مطروحة مسبقا، لها عند المفسر أو الدارس إجابة جاهزة، ويكون عمل المفسر تأكيدا لها عبر بناء عقلاني يعرض نفسه بصفة نقدية، فعمل المفسر هنا يكمن في تحقيق نسق من الأسئلة والإجابات المغلقة التي تكمن من فتح مجالات جديدة في الفهم والتركيب، ونقطة الارتكاز الداخلي في هذه التفسير هو اعتبار المعنى أمرا ثابتا مطلقا, وصحة هذا لاتحقق التجرد العلمي المفروض على الباحث وتجعله اسيراً لمعتقداته السياسية وتجعل من أدواته البحثية والمعرفية آداةً لخدمة الأيدلوجيا التي يعتنقها..!
هل يرى محمد شحرور نفسه بريئاً من هذا ؟ وهل كان بمنأى عن أدبيات الإخوان المسلمين التي ارتبط اسمه بها كثيراً ؟!
2- في كتاب (القرآن والكتاب) عمد محمد شحرور إلى التفرقة بين معاني وصفات القرآن الكريم الأمر الذي اعتبره غالبية السلفيين تجزئةً للقرآن وانكاراً لما جاء عليه... كيف يرد ضيفنا الكريم على هذا ؟!
3- صحيح البخاري ومسلم من الكتب التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية واستناداً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لاتجتمع أمتي على باطل) فإن هذين الصحيحين يعدان مصدراً ثانياً بعد القرآن للتشريع الإسلامي..هل يرى ضيفنا الكريم إنكار السنة ؟! واذا لم يكن كذلك كيف يوفق بين تناقضات القرآن والسنة ؟!
4- الرق لم يلغى الا بقرار سياسي.. والتعددية الزوجية ايضاً لن تلغى إلا بقرار سياسي..!! هل يعتبر ضيفنا الكريم الشبه كبيراً جداً بين التعدد والرق ؟! مع فارق الأحكام بينهما ؟
5- الحجاب ليس سوى لباس قومي وتقليدي..!!
هل ينكر بذلك ضيفنا الكريم أي موقف فقهي تجاه مسألة الحجاب ؟!


إلى السيد روبن هود:

1 - إن المعرفة أسيرة أدواتها، والمسألة ليست مسألة ذكاء وعبقرية أو فجور وتقوى. فالطبيعة هي الطبيعة منذ ألفي عام والآن. ولكن عندما درسها الإنسان بنظام معرفي وهو أنها تتألف من أربعة عناصر هي الماء والهواء والتراب والنار، وانطلاقاً من هذا ظهرت علوم الطبيعة والطب على أساس الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ضمن هذا النظام وبذلوا جهداً كبيراً حتى أصبح نظاماً مستنفذاً. وعندما تغير النظام المعرفي في دراسة نفس الطبيعة وتم تحديد جدول مندليف لعناصر الطبيعة، ظهر شيء اسمه علم الكيمياء المعدنية ثم العضوية ثم الحيوية وهكذا دواليك. لذا فإنني أذكر السيد روبن هود بقول آينشتاين: ( إنه من الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج جديدة وأنت تكرر الشيء نفسه) فإذا كررنا نفس المقاربات اللغوية والمعرفية في فهم التنزيل الحكيم وأصول الفقه التي وضعت في القرنين الثاني والثالث الهجريين فإننا سنحصل على النتائج نفسها ولاداعي لأن نتعب أنفسنا وبالتالي، فكل هذه المؤسسات التي تقول عن نفسها: مركز البحوث الإسلامية – الفتوى – هيئة علماء. تكرر الشيء نفسه ولا أدري ماذا تجدد. إنهم ياسيد روبن هود ينطبق عليهم القول التالي: يقولون قال الله ويشرحونه كما لو أن محمداً (ص) والصحابة هم المؤلفون. فإذا كان إتباع نظم معرفية جديدة ومقاربات معرفية جديدة هي أدلجة، فنعم أنا مؤدلج، حيث أن نظرية المعرفة هي العمود الفقري لأي فلسفة. والمشكلة أنه لايوجد عند فقهاء المسلمين أي نظرية في المعرفة الإنسانية، لذا فإن الفقه الإسلامي لايستطيع أن يتجدد. أما بالنسبة لأدبيات الإخوان المسلمين فقد قرأتها، وأعتقد أن شعار الإخوان (الإسلام هو الحل) هو شعار زئبقي مائع غير قادر على حل شيء، وسيد قطب في كتابه (معالم في الطريق) كان يكتب عن مجتمع وعصر لاعلاقة لنا به وهو يريد أن يبني دولة على الغيبيات حيث نتيجة ذلك كان هناك دموع وأموال ودماء وأنفس ذهبت مجاناً وهي تطحن في الهواء. وعلينا أن نعلم أخيراً أنه ليس كل شيء أنتجه الفكر الإنساني هو خطأ أو باطل وخاصة فيما يتعلق بالمقاربات المعرفية.

2 – لقد انطلقت في كتابي الأول (الكتاب والقرآن) من مبدأ عدم الترادف. فالله خالق الوجود وصائغ التنزيل الحكيم، فيجب أن ترى وحدة الناموس، فإذا تغير ألكترون واحد في ذرة ما تتغير كل الصفات. فكيف يمكن أن أقبل الأب والوالد بنفس المعنى وهما مصطلحان متغايران تماماً. إن غالبية السلفيين انطلقوا من أطروحة الترادف لأنهم انطلقوا بأن التنزيل الحكيم تحدى الشعراء، والشعر لايعيبه الترادف ولايعيبه الكذب، والشعر له مجال التركيب لامصداقية المعنى وعقلانية التشريع. ولأن الشافعي كان يحفظ عشرة آلاف بيت شعر وهو صغير وشب على ذلك وعمل في الفقه لذا لم يفرق بين الحكمة والسنة وبين الأب والوالد وبين الأبوين والوالدين. كل هذه الأمور كانت لاتعني له شيئاً. لهذا السبب بالذات اعتمدوا على أقوال عن عن عن لأنهم اعتبروا أن التنزيل خالٍ من الترادف وابتعد عن الشعر. وإن أردت أن تفهمه فإنك لاتستطيع أن تخوض فيه كثيراً. إذ أن هذا التقسيم الذي استنتجته وأخذ مني سنوات يجعل التنزيل مفهوماً ومنسجماً مع نفسه ومع الواقع الموضوعي.

3 – فيما يتعلق بصحيح البخاري ومسلم فقد تبنته الأمة سياسياً قبل أن تتبناه فكرياً. وارى أن السبب الأساسي هو عجز المتعدين عن الخوض في التنزيل الحكيم بشكل عميق، ويكفي أن تفتح كتب التفسير لإبن كثير والقرطبي وحتى الزمخشري، فإنك ستجد في التفسير أحاديث + أسباب نزول + بعض النحو العربي + ناسخ ومنسوخ. أي أنك ستجد كل شيء ماعدا التفسير. لذا كانت الحاجة كبيرة لاعتماد مصدر آخر وكان هو مايسمى بالحديث النبوي. فكيف يمكن أن أسمي البخاري إماماً إذا كان لايفرق بين الإسلام والإيمان، ففي باب الإيمان (عنوان الباب) نرى الحديث رقم واحد هو: بني الإسلام على خمس، فلا أفهم ونحن الآن في بداية القرن الواحد والعشرين كيف نسميه إماماً ثم نرى في كتابه (باب المناقب) أن قردة زنت فرجمتها القرود. ولو كان هذا الإمام يحترم العقل ذرة واحدة لما وضع هذا الحديث في كتابه. ثم نرى في كتابه حديث الإسراء والمعراج، ويرينا كيف فرضت الصلاة في السماء كصفقة تجارية بين الله سبحانه ومحمد (ص)، وعراب الصفقة هو موسى (ع). ثم إنك إن حذفت 90% من كتب البخاري ومسلم، فإن الدين الإسلامي لاينقص منه شيئاً، وإذا افترضت أن ابو هريرة وابن عباس لم يوجدا بالأصل وحذفت كل أحاديث أبو هريرة وابن عباس، فإن الإسلام لايتأثر أبداً. ثم إني إذا وحّدتُ الله سبحانه فهل أحتاج إلى البخاري، وإذا أردت أن أبر والديَّ فهل أحتاج إلى مسلم. وهناك أناس في العالم يبرون والديهم ولايشهدون الزور ولايقتلون النفس ولايأكلون مال اليتيم ولايغشون المواصفات ويعاملون الناس بخلق حسن ولم يسمعوا أبداً بالبخاري ومسلم. لقد استعمل الهامانات (رجال الدين أو السادة العلماء الأفاضل) البخاري ومسلم لتحويل الناس إلى قطيع يركبون عليه ويسوقونه كيفما شاؤوا.
أما السنة فإني أقسمها إلى سنة رسولية وسنة نبوية. فقط طلب الله سبحانه منا طاعة الرسول ولم يطلب طاعة النبي. أما الرسالة فكلها موجودة في التنزيل الحكيم، وصاحب التنزيل الحكيم سبحانه وتعالى علم أنه لم يعطنا عدد الركع في الصلوات ونصاب الزكاة وبالتالي هو قال لنا أن نأخذ تفصيلات الصلاة والزكاة من الرسول (ص) في سورة النور: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) النور 56. والصلاة بتفصيلاتها والزكاة بأنصبتها وصلتنا ولافضل في ذلك لا لمحدثين ولا فقهاء ولا طبقات رجال ولاعلم جرح وتعديل، فلاداعي لأن يزاود علينا أحد.
وهل بر الوالدين وعدم شهادة الزور وعدم أكل مال اليتيم يحتاج إلى سنة، إن أركان الإسلام في المحرمات لايحتاج إلى أي سنة، لأنها فطرية، الناس تعرفها بفطرتها ولاتحتاج إلى سادة علماء أفاضل. أما السنة النبوية فهي تنظيم الحكم وبناء الدولة والقضاء والتعليمات الاجتماعية وكل شيء ليس له علاقة بالشعائر والمحرمات وعددها /13/ في التنزيل الحكيم، هو سنة نبوية تحمل الطابع الظرفي ولاتحمل الطابع الأبدي. فقول النبي (ص) (ماأفلح قوم ولوا أمورهم امرأة) غير ملزم حتى ولو وصلنا مسجلاً صوت وصورة. فالأحاديث النبوية غير ملزمة وظرفية حتى ولو صحت كلها صوت وصورة وهي للإستئناس فقط وتؤخذ إن كانت مقبولة ظرفياً أو مقبولة إنسانياً.
يقول الدكتور عبد الله باصفر وهو عالم فاضل سعودي بتاريخ 27/3/2007 في فضائية (إقرأ) أن عدد الأنبياء (120000) مائة وعشرون ألف نبي. وعدد الرسل (313). وبما أن محمداً (ص) هو خاتم الأنبياء والرسل فهل مضى عشرات الآلاف من الأنبياء ومئات الرسل والبشرية لاتعلم كيف تأكل الطعام باليمين أم باليسار، ولاتعلم جماع النساء ولاتعلم كيف تنظف نفسها؟؟؟ أريد أن أسأل السادة العلماء: ماذا علم هؤلاء الأنبياء والرسل (عشرات الآلاف والمئات) الناس؟ إنها مهزلة !!.

4 - بالنسبة للرق: إذا قلنا أن البعثة النبوية قصت شريط تحرير الرق والمرأة وفقط، وبعد وفاة الرسول (ص) على البشرية إتمام هذا المشوار، وماحصل أن السادة العلماء حجَّروا التاريخ في القرن السابع واعتبروا أن مافعله النبي (ص) هو تحرير الرق والمرأة. حتى أن آخر بلد في العالم ألغى الرق سياسياً هو موريتانيا عام 1967، ومازالوا حتى اليوم يتحدثون عن بقايا الرق في الحملات الانتخابية، وقبل موريتانيا كانت السعودية 1964. وقد ألغي الرق بقرار سياسي وليس بفتوى فقهية. إذ كيف يمكن أن تصدر فتوى فقهية بتحرير الرق، وهناك أحاديث كثيرة تحث الرق على طاعة سيده، وأن العبد الآبق لاتصلح له صلاة، وهناك فقه خاص بالعبودية والعبيد، ولكنني لم أجدَ في كتب الحديث أحدهم يخاطب العبيد قائلاً لهم ( أيها الرق انهضوا وحرروا أنفسكم) لذا فإن ثقافة العبودية مازالت راسخة في عقولنا وفي سلوكنا، وبما أن الرق ألغي سياسياً فإننا نمارس هذه الثقافة للعبودية على نسائنا، ويمارسها السادة العلماء الأفاضل على تلاميذهم ومريديهم.

5 - بالنسبة للحجاب فإني أحيلك إلى فصل حجاب المرأة في كتابي الأخير (نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي – فقه المرأة) الذي صدر أول طبعة عام 2000.

اسم السائل: زرياب
السلام والرحمة أستاذ شحرور
أسئلة:

1- لكم أعجبني ردك عندما قلت أنك ترفض الجلوس عند أقدام الشافعي وغيره من الأئمة.. هل بهذا التصريح تأمرنا بالتجرد من موروثنا الفقهي والإنطلاق من جديد لفهم القرآن وإعجازه خاصة بعد الإحباط والإخفاق الذي أصابا الأمة طيلة هذه القرون السالفة في شتى المجالات ؟؟
2- السنة والشيعة يدان من نفس الجسد.. هل ترى أنه آن الأوان لأرواح بني أمية مغادرة الصحاري الخليجية لكي تصبح لنا وحدة فـنتكتَّـل ونتحالف ونعتصم بحبل الله جميعا كما هو شأن الأمم الأخرى والغير مسلمة ؟؟ وإن فشلوا جباهذة الإسلام في لمِّ الشمل هل ينجحوا تلاميذ شحرور ؟؟
3- كان اليهودي إسحاق شمير في شبابه ناشط للقضية الصهيونية وقام بالقتل والتفجير في البلدان السكندنافية (إرهابي) ضدَّ معارضين السامية وعند كبره نصبوه رئيسا للدولة العبرية.. لماذا تختلف نظرة العرب لابن لادن والزرقاوي وغيرهما كطرف مقابل ؟؟ وما معنى كلمة إرهاب ؟؟
4- الحرب على إيران لا محالة منها ,, وهي آخر أمل للإسلام قبل الإستسلام ,, إلى أيّ ضفة يتجه زورق محمد شحرور.. وإن كان حقا ربَّانا بماذا ينصح الملاحة العرب والمسلمين في هذه الحرب المصيرية ؟؟ قتل حنبعل وجيشه بالسيف خمسون ألف روماني في يوم واحد على أبواب روما ,, بعض الشباب قدموا ( فاتورة ) اضطهاد الشعوب المستضعفة من طرف أمركا يوم 11سبتمبر وكانوا القتلى حوالي خمسة ألاف في نصف ساعة ,, هل هناك نسبة مئوية ضئيلة تشير بنهاية الإمبراطورية على يد الفرس مع أن البقرة كثرت سكاكينها ,, شافيز وأمركا الجنوبة ,, الصين والبلدان الآسياوية ,, بل حتى أروبا الحليف التقليدي أصبحت تنتظر بفارغ الصبر صعودها إلى المرتبة الأولي ,, فكيف قراءتك لهكذا أحداث ؟؟
5- وأخيرا يجري العام 2010 أعاد التاريخ نفسه وعادت معه الخلافة الإسلامية ,, من تتصور افتراضيا آنذاك منصب أمير المؤمنين بين هؤلاء ,, حسن نصرالله ,, القرضاوي ,, عمرو خالد ,, المرشد خمائني ,, محمد شحرور ؟؟

شكرا على سعة صدركم وطيبة خاطركم وإني لكم من الأتباع والمناصرين.. والسلام

أبوصابر الهبيري..زرياب ,,


إلى السيد: زرياب

1 – لقد قلت أن المعرفة أسيرة أدواتها، فأدوات المعرفة عند الشافعي أو ابن عباس تختلف عن أدوات المعرفة عندنا. فآيات القصص في التنزيل الحكيم مثل قصص آدم وموسى ونوح وهود وصالح وشعيب ويوسف وإبراهيم وقصص محمد (ص) الوارد في سورة التوبة والأنفال وغيرها حول الأحداث عبارة عن نص تاريخي وليست أحكام تشريعية ولايوجد فيها آيات رسالة. أما آيات الرسالة مثل آيات المواريث والصوم والحج والصلاة والزكاة والقصاص والوصية والمحرمات والنواهي فهي ليست نصوصاً تاريخية، والتفاعل معها تاريخي. فآيات المواريث ليست نصاً تاريخياً، وإنما علم المواريث الموضوع من قبل الناس يحمل الصفة التاريخية لأن السابقين استعملوا العمليات الحسابية الأربعة فقط. ولكن إذا أضفنا إلى هذه العمليات الحسابية الأربعة والتحليل الرياضي والهندسة التحليلية ونظرية الاحتمالات والرياضيات الحديثة، وقرأنا نفس الآيات فإننا سنحصل على علم مواريث جديد تماماً وكل شيء صحيح من القراءة السابقة ينتقل أوتوماتيكياً إلى القراءة الجديدة. والمشكلة هي مشكلة نظام معرفي. فالعملية ليست تجرداً ولا تمسُّكاً، وإنما هي مقاربة جديدة.
2 – إن المقاربة المعاصرة للتنزيل الحكيم وللدين الإسلامي ككل مقاربة تتجاوز السنة والشيعة معاً. فأنا لا أرى أي حل ضمن منطلقات السنة والشيعة التاريخية.
3 – لقد اعتمد اليهود في إقامة دولتهم في فلسطين على عالم الشهادة لاعلى عالم الغيب. وهم ممن ساهموا في انهيار الدولة العثمانية لكي تقع فلسطين تحت سلطة الإنكليز وقد أيدهم في قيام دولتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والإتحاد السوفييتي والصين. وكل هذا ضمن عالم الشهادة ولاعلاقة له لا بتوراة ولا بإنجيل.
والمشكلة عندنا أنه عندما يدخل الدين في السياسة، فإن الجانب الغيبي يدخل في صنع القرارات السياسية، أي يدخل عالم الغيب ويتقلص عالم الشهادة، علماً السياسة لايمكن أن تكون إلا ضمن عالم الشهادة. والمشكلة في عقليتنا الموروثة أننا كلما أصبنا بخيبة أمل لجأنا إلى الخرافة والأسطورة والغيب. وهذه العقلية هي السائدة حتى عند مثقفينا. وأنا متأكد أن ابن لادن وأيمن الظواهري يعتمدان على الغيبيات ونهايتهم هي الهزيمة لامحالة. والكتلة من الناس التي تؤمن بالخرافة والأسطورة والغيبيات في السياسة ستصاب بخيبة أمل مرة ثانية وثالثة ورابعة حتى تعلم أن السياسة لاتكون إلا من منطلق عالم الشهادة وليس من الغيب. وإن كل من يحاول أن يحول الموت إلى مؤسسة سينتهي بالهزيمة بغض النظر عن الشعار الذي يحمله هو (لاإله إلا الله)، أو ياعمال العالم اتحدوا، أو أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. لأنه بهذا العمل يلعب دور الإلاه ولايحق لأحد أن يقوم بهذا الدور. وأن من يقوم بهذا العمل لايمكن أن يحمل مشروعاً سياسياً ناجحاً موضوعياً.
أما كلمة إرهاب، فإذا اخترنا مصطلح التنزيل الحكيم فنرى أن هناك مصطلحان:
الأول: الإرهاب: (وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).
الثاني: الرعب (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا) الأحزاب 26.
فمفهوم الإرهاب في التنزيل الحكيم هو إعداد القوة بدون استعمالها. ومن قال أنها قوة الردع فقد أصاب. فالإتحاد السوفييتي وأمريكا أرهبوا بعضهم بالقوة النووية دون استعمالها.
أما الرعب فهو مايسمى (Terror ) وهو ترجمة الإرهاب من اللغة الإنكليزية، فهو لايطلق إلا عند استعمال القوة فعلاً. فقُذِفَ الرعب في قلب اليهود عندما حاربهم النبي (ص) فعلاً وهزمهم وقتل فريقاً منهم وأسر الآخر. وإذا قلنا أن أحداث سبتمبر في نيويورك قذفت الرعب في قلوب الأمريكان فهذا صحيح. أما كل مايتعلق بالإرهاب فإن إمكانيات هذه التنظيمات وأعدادها لايرهب أحداً لأنه لايوجد أصلاً تكافؤ في القوى.
4 – أني أشفق على السنة والشيعة معاً، فنحن شعوب لاحول لنا ولا قوة لأننا أردنا أن نكون كذلك. وأشفق عليك ياسيد زرياب وعلى نفسي، إن الدولة الدينية مؤمنة كانت أم يهودية أم مسيحية أم هندوسية هي دولة مستبدة إقصائية أي أنها دولة اجتمع فيها فرعون وهامان (السلطة السياسية والسلطة الدينية) في شخص واحد، في إيران المرشد العام، وفي طالبان أمير المؤمنين الملا عمر. فإذا كنتُ رباناً فكيف أقود مركباً مليئاً بأناس يجملون ثقافة القطيع يؤمنون بالخرافة والغيبيات وخاصة في الأمور التي تتعلق بالسياسة وهي من عالم الشهادة المرئي والمعاش. وإذا حصلت فنحن وقودها ( سنة وشيعة) لاأكثر من ذلك ولا أقل. أنَّى لنا يازرياب أن نثق بصواب وحكمة المشايخ سنة أو شيعة. فأنا لاأثق بقراراتهم ولاأثق بقرارات فراعنة وهامانات بني إسرائيل أم أمريكا. فحتى يومنا هذا نحن شعوب المسيرات لاشعوب المظاهرات. نحن عاجزون من المحيط إلى الخليج عن فرض رفع رواتب على الدولة ناهيك عن قرارات الحرب والسلم وكل ذلك لأننا نحن أردنا ذلك.
5 – بالنسبة للعام 2010 فلا أعتقد أنه سيكون أي خلافة فلا داعي لطرح أي إسم من هذه الأسماء. فعليك أن تفكر وتتصور وتتعود أننا نعيش عصر مابعد الرسالات. وهذا العصر هو أفضل بكثير من عصر الرسالات لأن البشرية في عصر الرسالات كانت بحاجة لهذه الرسالات. أما نحن فلا، وهذا يعني أن مستوانا الإنساني والمعرفي والتشريعي أفضل بكثير من عصر الرسالات، وإلا فلماذا توقفت النبوات والرسالات وماتقوله عن منصب أمير المؤمنين في عام 2010 هو رغبات وليس وقائع. وعلينا أن نعلم أن مهمة الدولة والسلطة هي الحياة الدنيا حصراً.

اسم السائل: جسد عاري

أرحب بالدكتور محمد شحرور وأتقدم بأسألتي هذه:

1- جميعنا يعلم بأن الوعي العربي لا زال يعاني من تأخره عن باقي دول العالم المتطورة، من يتحمل مسؤولية تأخر الوعي العربي المواطن أم الدولة؟
2- الأزمة الكبرى للمسلمين هي الخلط بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، كيف يمكن التفريق بين الاثنين ؟ وما هي أركان الإسلام من وجهة نظرك؟
3 - زادت في الفترة الأخيرة فتاوى التحريم والتحليل وخصوصا في ما يتعلق بالتجارب العلمية كالاستنساخ وغيره، كيف ترى هذه الفتاوى في تأخر العلم وتراجعه؟
4- قال تعالى (هو الذي أنزل الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب)
كيف يكون تفسيرك للآية وما رأيك في التفسيرات القديمة المتعارف عليها؟

شكرا للدكتور شحرور


إلى السيد جسد عاري:

1 – إن الوعي العربي يعاني من أزمة سياسية وهي أن الحرية ليست قيمة عليا في هذا الوعي. فأنا متأكد أن أي دولة عربية تستطيع أن تعتقل العشرات في يوم واحد دون أن تخاف قيام انتفاضة، ولكنها لاتستطيع أن تنزع الحجاب لعشر نساء لأنها تخاف. فحجاب المرأة أهم من الحريات كلها. وعندما يتكلم المثقف العربي عن الحرية وخاصة المثقف المتدين يقول الحرية ولكن، ويضع التحفظات الكثيرة. ولم يحتج العقل العربي الجمعي على أن المرأة تضع الحجاب بالإكراه من قبل الدولة في السعودية وإيران، واحتجوا بنفس الوقت على فرنسا وتونس لنزع الحجاب. إن الحرية قيمة أولى وأساسية في العالم تليها العقلانية ولايوجد شيء محتقر عند العقل الجمعي العربي مثل الحرية والعقل. وأرى أن جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية يتحمله الناس أنفسهم لأنهم إلى الآن لايشعرون أصلاً بشيء اسمه الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، لأن السادة الفقهاء تحت باب سد الذرائع أجبرونا وعودونا أن نعيش هذه الحالة منذ قرون بعيدة ففقدنا الإحساس بضغط الدولة.
2 – نعم هناك أزمة كبرى ثقافية وأخلاقية من عدم التفريق بين الإسلام والإيمان، علماً بأنه طبقاً للتنزيل الحكيم يسهل التفريق بينهما. فإذا تم أخذ أركان الإسلام من البخاري مع أنه لم يفرق أصلاً بين الإسلام والإيمان، فماذا بقي للتنزيل الحكيم لنأخذ منه. أي أن أركان الإسلام من البخاري، ولكن التنزيل فهو كفر (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) وبالمناسبة: هل أورد التنزيل الحكيم هذا الأمر وأغفل تحريم الغناء والرقص والموسيقى؟
الإسلام له علاقة بالله فقط، فعندما يذكر الله وحده في التنزيل الحكيم يقول: إسلام ومسلمون (إن الدين عند الله الإسلام) (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وهل يقبل الله سبحانه ديناً هو غير موجود فيه بالأصل. وعكسُ المسلمون المجرمون وهو مانقول عنهم اليوم الملحدون. فالمجرم من قطع صلته بالله وكذب بالبعث واليوم الآخر.

والإسلام له ثلاثة مستويات:

آ – المستوى الأول: كوني (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرها) فالله رب السموات والأرض أسلم له طوعاً من باب الألوهية للعاقل حيث يوجد مخلوقات عاقلة في الكون غيرنا، وهذه المخلوقات سمعت عن الله إلهاً. وكرهاً من باب الربوبية.
ب – المستوى الثاني: المستوى العالمي، وهو القيم العليا التي لها الطابع العالمي، وقد وردت هذه القيم الأساسية في سورة الأنعام 151 – 152 – 153 وفي الفرقان لموسى وهي الصراط المستقيم وبها يُعبد الله (وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) حيث الله لايعبد في المساجد ولا الكنائس ولا المصليات، بل يذكر ويُحب. فنحن نعبد الله بالإسلام ونحب الله بالإيمان، أي نعبد الله خارج المساجد ونحب الله في المساجد. وكذلك التشريعات الإسلامية كونها خاتم فهي عالمية حنيفية انطلاقاً من نظرية الحدود. والتشريع الإسلامي تشريع مدني إنساني ضمن حدود الله. وعلى هذا المستوى نستطيع أن نتعامل مع كل العالم.
ج - المستوى الثالث: محلي وهو الشعائر، فإقامة الصلاة (الخمس صلوات + صوم رمضان+ الزكاة وأنصبتها + شهادة أن محمداً رسول الله) هي من أركان الإيمان بالرسالة المحمدية وهي تختلف من ملة لأخرى.

والغريب أنه إذا استعرضنا أركان الإسلام المزعومة لانرى فيها الأخلاق بتاتاً ولا القيم ولا العدالة ولا الحرية. أي أن أركان الإسلام هي المحرمان الـ /13/ وهي:

1 – التوحيد، 2 – بر الوالدين، 3 – عدم قتل الولد، 4 – الفواحش، 5 – قتل النفس، 6 – عدم أكل مال اليتيم، 7 – التقيد وعدم الإخلال بالمواصفات، 8 – عدم شهادة الزور، 9 – الوفاء بعهد الله، وهذا هو الصراط المستقيم الذي يجب إتباعه جملة واحدة.
10 – محارم النكاح، 11 – الربــا، 12 – أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، 13 – أن تقولوا على الله مالا تعلمون.

هذه هي أركان الإسلام وكلها إنسانية عالمية غير قابلة أن تعرض على البرلمانات وغير قابلة للتصويت عليها. ولاحظ فيها أنها لم تبدأ بقوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا) بل بدأت بـ (قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم) و(حرمت عليكم أمهاتكم) و(أحل الله البيع وحرم الربا) و(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) و(إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تقولوا على الله مالا تعلمون)
هذه هي المحرمات. ومرفوض تماماً إضافة أي محرم عليها، حتى أن تحريم التدخين يحتاج إلى رسالة بعد محمد (ص) تقول إن التدخين حرام. فلو اجتمع أولو العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) لايحق لهم تحريم التدخين، ويحق لأمير منطقة الرياض منع التدخين في الأماكن العامة في الرياض. ذلك لأن الحرام شمولي وأبدي فهو لله فقط. فإذا جاء إنسان وأعطى فتوى أن التدخين حرام فهذا يعني أن الإنسان الذي سيلد بعد عشرة آلاف سنة عليه أن لايدخن. وأنا أريد أن أسأل هذا المفتي: هل هو الإله أم هو وكيل الله في الأرض (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب).

إلى جانب المحرمات الـ /13/ يوجد أوامر ونواهٍ إلهية مثل النهي عن الخمر والميسر وعن الغيبة والتجسس، والنهي الإلهي ظرفي. فالدولة التي لاتتجسس على أعدائها يمكن هزيمتها. والذي لايتجسس على عصابات المخدرات لايستطيع القبض عليها، هذا معنى ظرفي. والنواهي الإلهية هي التي قال عنها الرسول إن صح (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات) وهذه هي التي بينهما وهي النواهي. والرسول يحق له أن يأمر وينهى ولايحق له أن يحلل ويحرم، لذا فإن كل أوامر الرسول (ص) ونواهيه ظرفية لاتحمل الطابع الأبدي.

لذا نقول أن الله يحرم ويحلل ويأمر وينهي، والرسول (ص) يأمر وينهي والسلطة تأمر وتنهى.
ومن ناحية أخرى نرى أن الإسلام بما أن رأسه التوحيد والمحرمات أركانه هي والحدود فإنه فطري، فالبوذي يبر والديه وكذلك الملحد، وإن أخذنا كل المحرمات لم نجد من يخضعها للتصويت لامؤمن ولامسلم ولا علماني. لذا فإن الإسلام دين الفطرة ويمكننا أن نلتزم به كاملاً إي نتق الله حق تقاته. أما افيمان فله علاقة بالشعائر والصلوات الخمس والصوم والزكاة ونلاحظ أنها كلها تكليف لايقوم بها الإنسان إلا إذا علم بها أولاً، ثم وافق عليها ثانياً. فصوم رمضان ضد الفطرة تماماً، والفطرة في الطعام لابالصوم. وقبض المال من الفطرة، ودفعه يحتاج إلى تكليف. فالإنسان يقبض راتبه بالفطرة ويدفع الضرائب بالتكليف، وهذه وقف على أتباع الرسالة المحمدية لذا فهي من أركان الإيمان بالرسالة المحمدية وهي بعد الإسلام وليست قبله.

أي أن لاإله إلا الله رأس الإسلام، محمد رسول الله رأس الإيمان. لذا قال تعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وقوله (يمنون عليك أن أسلموا قل لاتمنوا علي إسلامكن بل اله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) لذا نرى أن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا. وأركان الإيمان يؤديها الإنسان حسب الاستطاعة.

ونلاحظ أنه عندما يذكر التنزيل الحكيم الله مع الرسول يقول (مؤمنون) وعندما يذكر النبي أو الرسول لوحده يقول مؤمنون. فكيف يمكن أن نفهم أن الإسلام يسبق الإيمان مع الحديث: بني الإسلام على خمس، ومع الحديث أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فكيف نقيم الصلاة ونصوم رمضان ثم نؤمن بالله واليوم الآخر. لقد وضعوا العربة قبل الحصان.
وهنا نرى عمق الكارثة أن هناك صحوة إسلامية، بل هناك صحوة إيمانية، وبما أنه في ثقافتنا من أركان الإسلام أصبح إفطار يوم في رمضان، أهم بكثير من الكذب والإخلال بالمواصفات والخلف في المواعيد. هذه أزمة أخلاقية نعيشها ولايوجد أمة عندها انفصام بين الشعائر والأخلاق مثل أمة محمد (ص). ففي أوربا يوجد إسلام ومسلمون. وفي الشرق يوجد إيمان ومؤمنون. وهناك صحوة إيمانية وليست صحوة إسلامية، لأن الصحوة الإسلامية لاتسمن ولاتغني من جوع في تقدم الأمم ونهضتها وهي طريق الخلاص الفردي، ولمزيد من التفاصيل انظر كتابي (الإسلام والإيمان – الفصل الأول).

اسم السائل: خـالـد
أحييك ضيفنا الكريم في الشرفة
و لعذرني على الاطالة

1- ما هو مفهوم العبودية الذي أتي في القرآن وكيف لنا الاستدلال على معناه من اللغة؟
2- كان لك موقف من الحرية في القرآن ورأى البعض أن هذا الموقف ربما يخرج الإنسان من المفهوم المتداول للحرية؟
3- قبل 11 سبتمبر وبعده كيف ترى الفكر العربي ؟ وهل صحيح أن الانطباع الذي أخذ عن المسلمين نتيجه تجميدهم للمعنى الحقيقي للفكر في القرآن؟
4- أنت تدعو الى ضرورة الفصل بين الدين والسياسة في امور السلطة والحكم حتى لايوظف الدين في خدمة السياسة. الا ترا أن هذا ينافي الدين الاسلامي؟
5- هل لظهور الحركات الاصولية في العالم العربي أسباب تتعلق بالدين ؟
6- الحركات سياسية بايديولوجية اسلامية ظهرت في العالم العربي، رفضها البعض ووافق عليها البعض، د شحرور ما هو رأيه في ظهورها وبرأيه ما أسباب هذا الظهور؟

شكرا للدكتور وللشرفة على اتاحة الفرصة


إلى السيد خالد:

1 – 2 – لقد فرق التنزيل الحكيم مابين العبادية والعبودية، فنحن في الدنيا عباد الله، ويوم الحساب عبيد الله. والعباد جمع عبد، والعبيد جمع عبد مملوك. فالرق هم العبيد، والأحرار هم العباد، لأن فعل عبد في اللسان العربي من افعال الأضداد فتعني الطاعة والرفض والمعصية. أي أن عباد الله يطيعون الله بملء إرادتهم ويعصونه بملء إرادتهم وبهذا فهم عباده. وعبّر آدم عن حرية اختياره بالمعصية لا بالطاعة لأن الحرية تقاس بالطرف المقابل لها. فعباد الله المطيعين كقوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) وعباد الله العصاة كقوله تعالى (قل ياعبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله) وجاءت في قوله تعالى (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) أي أول الرافضين والكافرين به، وجاءت بالمعنيين معاً (والنخل باسقات * لها طلع نضيد * رزقاً للعباد). وحرية الاختيار هذه هي التي تفرقنا عن المملكة الحيوانية وهي غاية الخلق وهكذا نفهم قوله تعالى (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي ليكونوا عباداً بالطاعة والمعصية. والعبادية وهي حرية الاختيار هي الكلمة التي سبقت من الله لكل أهل الأرض (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما كانوا فيه يختلفون) يونس. وإن الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله هو الجهاد في سبيل الله حصراً، وكلمة الله هذه هي الحرية. فالقتال من أجل حرية الاختيار للناس جميعاً بين الكفر والإيمان والطاعة والمعصية هي الجهاد في سبيل الله. وهناك أنواع أخرى للجهاد في سبيل الديار (الوطن) وهي مشروعة ولكنها ليست في سبيل الله. ففي البلاد التي يساق فيها الناس إلى الصلاة بالإكراه فإن كلمة الله هي السفلى فيما يتعلق بحرية الاختيار بين أداء الصلاة أو عدم أدائها. وفي البلاد التي يمنع فيها الناس من أداء الصلاة فكلمة الله فيها هي السفلى أيضاً. والعبيد يوم الحساب حيث لاخيارات لدى الناس، والناس تحتاج فيها إلى محاكمة عادلة لذا قال (وما الله – وماربك – وماأنا – بظلام للعبيد).
فالعبودية أصلاًٍ غير مطلوبة من أحد في الحياة الدنيا حتى ولا لله، وإنما هي العبادية، فنحن عباد الله ولسنا رق الله، لأننا نملك قراراتنا وخياراتنا بأيدينا وهذه كلمة الله التي سبقت لنا. وإذا رأيت عبودية في هذه الدنيا فهي بالضرورة لغير الله، وإني لأعجب كيف يرددون كلمة العبودية عشرات المرات يومياً أنها لله، وهي ليست كذلك، لأنها لايمكن أن تكون إلا لغيره في الحياة الدنيا. وبما أن الحرية هي قرار بين نفي وإثبات في موجود موضوعي أو في سلوك أخلاقي وهي القضاء فهذه الحرية لها علاقة بالمعرفة. فكلما زادت معرفتنا بالموجودات (وهي القدر) زادت حريتنا. فالحرية هي القضاء والقدر بعلاقة بينهما هي المعرفة. فالذي لايعرف شيئاً لايطلب شيئاً. لذا فإن حجب المعرفة هو أشد أسلحة الإستبداد.

3 – قبل أحداث سبتمبر وبعدها: العقل العربي عقل قياسي، والعقل القياسي عاجز عن إنتاج المعرفة اعتاد، ويحتاج دائماً، على وجود نسخة أصلية حتى ولو في خياله. وعلينا أن نعلم أن أي أمة مهزومة لها تراث وأرادت أن ترجع إليه وتلجأ إليه تحت حجة البحث عن الهوية والأصالة فإن هذه الأمة تصبح وقوداً لهذا التراث. ونحن الآن وقود حقيقي - لامجازي – لهذا التراث نحترق من أجل الحفاظ عليه مع أنه ميت، ولايوجد كارثة أكبر من كارثة إنسان يقاتل ويموت دفاعاً عن جهله.

4 – الدين يحتوي على جزء غيبي بالضرورة وإلا فهو ليس بدين أصلاً (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة). فالدين الإسلامي له ثلاث مركبات: القيم والشرائع والشعائر. والقيم خضعت للتراكم والشرائع للتطور والشعائر للإختلاف. فالشعائر مفصولة بالأساس عن السلطة والدولة، والقيم لايمكن فصلها عن المجتمع ولا عن الدولة وهي مطلوبة من كل إنسان، وبالذات من الذي يمارس السياسة. والشرائع لها علاقة بالبرلمانات ورغبة الناس في تطبيقها. والشريعة الإسلامية حدودية حنيفية، وإن 99% من قرارات البرلمانات في العالم ضمن حدود الله مع أنها صدرت من البرلمانات. فالتشريع الإسلامي تشريع مدني إنساني ضمن حدود الله.
أما السياسة، فتعتمد بالأساس على عالم الشهادة حصراً، ولايمكن أن يدخل فيها غيبيات، وعالم الشهادة هو عالم المصالح. فالسياسي، كإنسان، يجب أن يلتزم بالقيم وبالقرارات السياسية وبمصالح البلد التي يعمل من أجلها. والسياسة فيها براجماتية، أما في الدين فلا يوجد. وعندما يتدخل الدين في السياسة، فإن القرارات السياسية تدخل جزئياً أو كلياً في الغيبيات وتصبح غير قابلة للعقل النقدي.
فعالم الأرصاد الجوية يقول غداً بعد الظهر ستهطل زخات من المطر في المكان الفلاني، أي يحدد الزمان والمكان، فإن حصل كان التنبؤ صحيحاً والمعطيات سليمة، وإن لم يحصل فإنه يخضع لتساؤل العقل النقدي: أين الخلل؟ أما رجل الدين فيقول غداً ستهطل الأمطار إن شاء الله، فإن هطلت قال: شاء الله، وإن لم تهطل يقول: لم يشأ الله ولامحل للعقل النقدي. وكذلك شعار (الإسلام هو الحل) هو شعار خارج الزمان والمكان، والسياسة لها زمان ومكان: هل، وماذا، وأين، وكيف. وهذا شعار لايختلف عن شعار الاشتراكية هي الحل من حيث التوظيف الإيديولوجي بدون أن يخضع للعقل النقدي.

5 – نعم، للحركات الإسلامية أصول تتعلق بالدين مباشرة. فمنذ الانقلاب السني الأكبر في عهد المتوكل أصبحت السلطة الدينية خاضعة تماماً وكلياً للسلطة السياسية وخاصة في العالم السني، بينما في أوربا كان العكس تماماً، حيث كانت السلطة السياسية خاضعة للسلطة الدينية، فالبابا كان يعين الملوك. وعندما انفصل ملك انكلترا عن البابا، أنشأ كنيسة خاصة به. فكانت الثورة في أوربا ثورة سياسية تريد التخلص من السلطة الدينية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لقد فصل بولس الرسول المسيحية عن اليهودية بإلغاء شريعة موسى والإبقاء فقط على الوصايا العشر. فلايوجد شيء عن المسيحيين اسمه فقه، بل يوجد لاهوت وشعائر فقط. فكان من السهل إيجاد صيغة البرلمانات والانتخابات وسلطة الشعب. أما عندنا فسبب ظهور الحركات الأصولية السياسية هي أنها أرادت أن تأخذ السلطة السياسية لنفسها باسم الدين وتحت شعاره، أي أنها أرادت أن تجمع السلطتين معاً في طرف واحد وهذا حصل عند أمير المؤمنين (طالبان) وحصل عند المرشد العام للثورة في إيران. وما المرشد العام عند الإخوان إلا نموذج من هذا النوع. إن شعار الدولة الدنية أو الإسلام هو الحل يدل على مدى تخلف الوعي السياسي عند العرب حيث أن مهمة الدولة هي الحياة الدنيا، وليس من مهماتها سَوق الناس إلى الجنة بالقوة ولا إبعادهم عن النار بالقوة. إن مهمتها فقط الحفاظ على مصالح الناس والصحة والتعليم والعمل وأمنهم، وكل وزاراتها تعتمد على عالم الشهادة المحسوس. والمشكلة أن الغيبيات التي لها علاقة بالمستقبل وبالسياسة مليئة في تراثنا، فكيف تُمارس السياسة مع وجود هذه الغيبيات. وأيضاً من الأسباب الرئيسية لظهور هذه الحركات هي أن مشاريع الحداثة في الوطن العربي خانت وعودها وأخفقت في تحقيق التقدم والرفاهية لشعوبها مما أعطى المجال للحركات الأصولية في الظهور كبديل لهذه الحركات. وهذا البديل أعتقد أنه فاشل لسبب بسيط هو أنه لم يقدم نظرية معاصرة في الدولة والسلطة محددة المعالم لاتعتمد على الغيبيات، علماً بأنه في التراث العربي الإسلامي لايوجد شيء اسمه فقد دستوري، وهو الذي يحدد كيف ينتخب الحاكم وصلاحياته ومدة حكمه.

اسم السائل: يوم لك
العالم الإسلامي يعتمد فقط على مدرسة الوحي كـ أساس فكري ويُغيب بل يُهاجم مدرسة العقل.!

لماذا يُمارس هذا القمع ؟

هل هو الخوف ؟

هل ينذر هذا القمع والتغييب بثورة فكرية للعقل كثورة القرون الوسطى ضد الكنيسة ؟!.

أين دور المفكرين العرب والمسلمين ؟، أين صوتهم بعيداً عن فلك المقدسات إن صحت التسمية !

ــ هل أصبح الدين الإسلامي وسيلة وليست غاية ؟!

ــ ما مدى ثقة الدكتور شحرور بـمصداقية صحيح مسلم والبخاري ؟

تحيتي وجل تقديري.


إلى السيد يوم لك:

نعم ! العالم الإسلامي ينكر ويهاجم مدرسة العقل لأن النشاط العقلي الوحيد عند السادة الفقهاء وهو القياس، أي تجد العلل المشتركة في الشاهد والغائب من أجل القياس وغير ذلك فالعقل لادور له. وبالتالي هو غير ضروري. فالعقل العربي الإسلامي عقل قياس، وعلينا أن نعلم أن العقل القياس عاجز عن إنتاج المعرفة. فنحن الآن في بداية القرن الواحد والعشرين لم نتعلم إنتاج المعرفة، وهذا هو الفرق بين نهضة محمد علي واليابان، فاليابان تعلم إنتاج المعرفة، أما نحن فلا، وحتى الآن جامعاتنا لاتنتج المعرفة بل تنتج الخريجين، والسبب هو العقل القياسي لأن هذا العقل هو ستيريو يحتاج إلى بروتو، هو مقلد يحتاج إلى نسخة أصلية. وعند الإسلاميين فإن النسخة الأصلية هي عهد الصحابة، ونحن نقلدهم. وعند الشيوعيين كانت النسخة الأصلية هي الإتحاد السوفياتي ونحن نقلدهم.
وأنوه هنا بأن الإمام الغزالي لعب دوراً هاماً في استقالة العقل العربي، ويكفي أن نقول أن من استعمل العقل واحترمه هم المعتزلة، وإن كلمة معتزلي مازالت إلى اليوم تعتبر شتيمة، فإذا مدح الإنسان العقل قالوا أنه معتزلي... وبدون تعليق!!
والخوف هو أن المدرسة الفقهية لاتستطيع أن تصمد أمام أي مدرسة عقلية، لذا فإنها تمارس القمع من خلال كتب الحديث، فهي السيف المسلط على رأس كل فكر نقدي إبداعي.
أما أن هذا التغييب ينذر بثورة فكرية، فإني آمل ذلك ولكني لاأرى بوادرها إلى اليوم، لأن ثقافة القطيع مازالت سائدة. أما دور المفكرين والمستنيرين فهو محدود جداً لأنهم أولاً قلائل، وثانياً لأن الثقافة الإسلامية الموروثة لاتحترم الحياة إطلاقاً ولاتحترم الحرية، وهي ثقافة كل شيء مكتوب، وتعلم أن سكان مصر أكلوا جيف في عهد المماليك ولم يثوروا لأنه كان في كل حي وشارع شيخ يقول لهم هذه ذنوبكم. ومازالت هذه الاسطوانة إلى اليوم.
الإسلام دين جاء لنحيا به لا لنحيا من أجله، وهو دين حنيف (أنظر فصل الاستقامة والحنيفية) فإذا جاء لنحيا من أجله فلا حاجة لنا به.
أما حول مصداقية البخاري ومسلم فيكفي أنك ترى ضمن هذه اكتب أحاديث مثل المعراج والجساسة وأعور الدجال، والمهزلة فوق ذلك أنها وحي، فكيف أفهم أن الملاك جبريل جاء رسول الله (ص) ليعطيه خبر الجساسة وخبر أن موسى ضرب عزرائيل بحجر وقلع له عينه؟؟ علماً بأن كل أحاديث الغيب مرفوضة لأن النبي لايعلم الغيب إطلاقاً إلا ماأوحي إليه في التنزيل، ومن هن كان نبياً. إن إهمال هذه الكتب لاينقص من الدين شيئاً بل يريحنا من لزوم مالا يلزم.

اسم السائل: غريب
مرحبا بالدكتور / محمد شحرور

دكتور / محمد شحرور، هذه جملة من الأسئلة أرجو منكم متفضلين الإجابة عليها

- كتبك كانت حبيسة خارج الحدود السعودية. بما تعلق على هذا الأمر ؟
-المجتمعات العربية تتباين اجتماعيا وثقافيا في حال قارناها ببعضها. كيف ترى قابلية هذه المجتمعات - رغم هذا الاختلاف – للأفكار المغايرة لما تربوا عليه ؟
-رغم الدور الكبير والتركيز في كتبك إلا أنها أربعة، ألا ترى أن هذا العدد غير كاف في نفض موروث ظل يتنامى قروناً ؟
- " من استبد برأيه هلك "، ألا ترى أن بعض ما تؤطر وتنظر له هو داخل في هذا الإطار ؟
- يقول الله تبارك وتعالى: { وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى } ألا ترى في هذا القول إشارة لأهمية الحديث ؟ وما موقفك من ذلك ؟
- كثيرون من يطلق عليهم مجددون، ويتداول هذه الصفة المناصرون والمؤيدون، ولعل " المجدد " ارتبط في العصر الحديث بالشخص الذي يعيد قراءة الموروث بعين الزمان الذي هو فيه.. كيف ترى الشيخ الأديب الراحل / علي الطنطاوي ؟
- هل هناك فرق بين علماء الدين السالفين والمعاصرين ؟ وما رأيك في قضية تسييس الدين ؟
- من المسئول عن تغييب العقل العربي، السلطة السياسية أم الفئة الدينية ؟
- هل ترى أن الاستعمار الغربي لبعض الدول العربية أعطى تميزاً لها على حساب الدول التي لم تتعرض للاستعمار ؟
- درست في روسيا ودرست في ايرلندا، بمعنى نظام اشتراكي ونظام رأسمالي، هل لنا أن نعرف رأيك في حال قابلنا هذين النظامين ببعضهما ؟ وكيف أن الإسلام وفق في إيجاد الحلول لما عجزت عنه هذه الأنظمة ؟
- بين علماء الدين وفطاحلة الأدب نجد فجوة عميقة جداً، إلامَ تعزو هذا البعد ؟
- تدعو لتخطي الفهم التراثي للقرآن، فهل نستطيع أن نقيس على هذا فنقول أنه سيأتي يوم يقال عن قراءتك المعاصرة للقرآن في الحقبة الحالية أنه أصبح تراث يجب تخطيه ؟
- أ ليس من الخطأ أن يكوّم هذا الكم من التراث ويُلقى ؟ في حين أن الحاضر لا يُبنى إلا من خلال الماضي ؟
- هل لديك تقسيمات للموروث أم أنك تتعامل معه ككتلة واحدة لا يمكن تجزئتها ؟

و لكم خالص الود والتقدير

غريب


إلى السيد غريب:

1 – كتبي كانت حبيسة خارج كثير من البلدان، ومن جملة البلدان هي تونس، ولكن الزمن الآن عام 2007 تغير عن عام 1990 حين صدر كتابي الأول. وأعتقد أن الشعوب والأنظمة بحاجة إلى أفكار جديدة، ولو كان كل من وجهة نظره. وأنا أحمل فكراً حراً نقدياً، ولا أعمل لصالح أحد، ولا أكتب إلا ضمن قناعاتي، وماأتوصل إليه من بحث. لقد وجدت بني قومي يحاربون في حقل الفكر والأفكار بالرماح والسهام والسيوف، فحاولت أن أصنع لهم سلاحاً فكرياً حديثاً. والمستقبل سيحدد: هل نجحت بهذا أم لم أنجح!!.

2 – إن المجتمعات العربية متباينة ثقافياً ظاهرياً ولكنها كلها مجتمعات أسرية عشائرية قبلية طبقية ذكورية حتى في أكثر المدن، ولكن هذا التقسيم متباين من مجتمع لآخر. وفي مجتمعاتنا هذه تكون العلاقة المذكورة أعلاه أعلى وأهم من القانون. والفقه الإسلامي الموروث تمت صياغته ضمن هذه العلاقات، لذا فإننا نعاني من عطالة الموروث الذي يحتاج إلى كسر، وهذا الكسر والتجاوز هو في غاية الصعوبة، والعقل الموروث عقل قياسي وترادفي ولهذا فقد قدم العقل النقدي استقالته منذ قرون.

3 – إن الكتب الأربعة التي أصدرتها ابتداء من عام 1967 حتى عام 2000، والآن عام 2007 سيصدر الخامس إن شاء الله، أي أربعون عاماً. ولاتنسى أنها جهد فردي لامؤسساتي، أي أن مؤسسة محمد شحرور الفكرية تتألف في الكتاب الأول من شخصين أنا وسكرتيري، وفي بقية الكتب من ثلاثة أشخاص أنا وسكرتيري الذي يقوم بالطباعة على الكومبيوتر والمحرر. ومع ذلك وضعت منهجاً جديداً في التعامل مع التنزيل الحكيم. وانطلاقاً من هذا المنهج صدرت هذه المؤلفات. إني أرى أن ماوضعته إلى الآن من منهج معرفي يستطيع الإنسان من خلاله أن يتعامل مع التنزيل الحكيم. أما نتائج التعامل مع هذا المنهج فهي كثيرة ولاتكفي الكثير من الكتب لاستنفاذها. أما الاستبداد بالرأي فإني كتبت في كتابي الأول إنه إذا لم يتم تجاوز ماكتبت الآن من الأجيال القادمة فإنها ستكون أجيالاً ملعونة، وإني ألعنها من قبري. فهل هذا استبداد بالرأي. وإنني إذا تراجعت عن نقطة ما فإني أعلن هذا صراحة بدون حياء مثل تراجعي عن الناسخ والمنسوخ في الكتاب، فقد ظننت في كتابي الأول أنه موجود، وتبين لي في كتابي الثاني أنه وهم، وأعلنت ذلك.

4 – أما قولي عن الآيتين (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) فقد قلت في الجواب على السؤال الثاني أن العقل العربي والفقهي بالذات هو عقل ترادفي وقياسي. لذا فإني أوجه عناية السيد غريب أن يفرق بين النطق والقول. ففي التنزيل الحكيم هل يصح أن نقول: نطق الله، أم قال الله؟ فإن قلنا: نطق الله فقد كذبنا، وإن قلنا: قال رسول الله فقد كذبنا. فالتنزيل الحكيم هو قول الله ونطق رسول الله، لذا إن قلنا: قال الله، نطق رسول الله (ص) (ذلك الكتاب لاريب فيه) نكون قد أصبنا عين الحقيقة، أي أن تأليف الجمل والأفكار من الله، والنبي كان ينطقها فقط.
فإذا كان الحديث وحياً فعلينا أن نقول: قال الله. وكفانا أوهاماً وفبركة على رسول الله وتخريجات لامعنى لها (وماينطق على الهوى) لايمكن أن تنطبق إلا على التنزيل الحكيم لأن دور النبي (ص) فيه هو النطق لا القول.

5 – التجديد لايكون إلا بنهج نظام معرفي مختلف عن النظام المعرفي السابق. وإن لم يكن كذلك فهي محاولات نبيلة ومشكور أهلها لأنهم شعروا بأن هناك مشكلة عليهم حلها، وقد حاولوا ذلك ومنهم المرحوم الشيخ علي الطنطاوي، فإني وإياه أبناء حي واحد في دمشق وكنت من هواة برنامجه الأسبوعي في إذاعة دمشق في خمسينيات القرن الماضي.

6 - من حيث النظام المعرفي وأدوات المعرفة فلا يوجد أي فرق بين علماء الدين السالفين والمعاصرين. فمثلاً علم المواريث عند السابقين يقوم على العمليات الحسابية الأربعة فقط، ولايزال إلى اليوم بغض النظر عن التقدم الهائل لعلوم الرياضيات. وعلينا أن نعلم أن الرياضيات ليست علماً، وإنما هي أداة معرفية تقوم على ربط الكم بالكيف، أي ربط الكم المنفصل بالكم المتصل، وهي تقوم على تجربة التجريد لذا فهي متقدمة على كل العلوم.

7 – المسؤول عن تغيب العقل العربي الإثنين معاً: السلطة السياسية والسلطة الدينية، السلطة الدينية تحت بند طاعة أولي الأمر وبند العبودية على أنها لله - وهي فعلاً لغير الله - حولت الناس إلى قطيع وأصبحوا جاهزين للعيش تحت السلطة السياسية، وهل ترغب السلطة السياسية بأكثر من قطيع تحكمه وخاصة إذا كانت مستبدة وليس لها تاريخ. وأكثر جهة إعلامية في كل الوطن العربي عرفت هذه الحقيقة هي قناة الجزيرة الفضائية، وسر نجاحها هي أنها تعلم تماماً أنها تخاطب القطيع، وأنها تلعب دوراً كبيراً في ترسيخ الأمية السياسية عند القطيع، والذي أصبح قطيعاً بفضل السادة العلماء الأفاضل السنة والشيعة على حد سواء. وهي تعمل على مبدأ "الجمهور عايز كده" وأصبحت كلها كبرنامج "مايطلب الجمهور" سماعه ولكن في السياسة!!.

8 – بالنسبة لروسيا وإيرلندا، علينا أن نفرق بين المدرسية والإيديولوجيا، فهناك المدرسة الروسية في الهندسة، وهناك المدرسة الغربية. فأنا درست في المدرستين، واستفدت من هاتين المدرستين في علوم الهندسة، وخاصة أنني أتقنت اللغتين الروسية والإنكليزية. أما بالنسبة للإيديولوجيا. فهناك فرق كبير بين الإيديولوجيا الشيوعية التي درست تحت ظلها، والإيديولوجيا الغربية. فالإيديولوجيا الشيوعية طرحت شعار العدالة واعتبرته أهم من شعار الحرية، بينما الإيديولوجيا الغربية طرحت شعار الحرية كأولوية. والشيوعية لم تُخفِ أنها لاتحترم الحرية، وطرحت شعار دكتاتورية البروليتاريا، وطرح الغرب شعار أولوية الحرية الذي لازال مستمراً إلى اليوم، بينما الشعار الآخر لم يستمر ولم ينجح. ومع الأسف هناك شبه كبير في طروحات الإسلام السياسية الحالية، وكذلك من العلماء الأفاضل. فهناك: الإقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية وعلم المحاسبة الإسلامي والفن الإسلامي والموسيقى الإسلامية والفضائيات الإسلامية الملتزمة والعمارة الإسلامية والسياحة الإسلامية واللباس الإسلامي، والطب النبوي وعلم البيئة في الإسلام. فقد حاولوا أن يأسلموا كل شيء ويظنون أنهم يحسنون صنعاً ولايعلمون أنهم نسخة مشوهة عن الإيديولوجيا الشيوعية التي طرحت: الاقتصاد الاشتراكي والأخلاق الاشتراكية والفن الاشتراكي بما فيه الرسم والنحت والموسيقى والمسرح والغناء، واللباس الاشتراكي. وكان هناك الذوق الاشتراكي مقابل الذوق الرأسمالي، ومن يخالفهم في الرأي يقولون عنه عدو الشعب وعدو الثورة وخائن وعميل. وكذلك عند الإسلاميين فمن يخالفهم رأيهم فهو مرتد وكافر وصاحب بدعة وغير ذلك من الصفات الجاهزة. ونلاحظ أن كليهما عنده نظام شمولي، والحرية غير موجودة أصلاً في نهجهما. وكلاهما نظام إقصائي لايقبل الآخر. ومع الأسف الشديد والحزن هناك أمور مشتركة بين إيديولوجيا الإسلام السياسي المعروف حالياً في السوق، وبين الإيديولوجيا الشيوعية. هناك فرق واحد هو أن الشيوعية ملحدة، والإسلام السياسي مؤمن. أما في بقية الأمور فلا فرق بينهما فكلاهما شمولي. وعلينا أن نعلم إن الإسلام دين متكامل يتألف من ثلاثة فروع: القيم الأخلاقية التي خضعت للتراكم التاريخي، والتشريع الذي خضع للتطور التاريخي، والشعائر التي خضعت للاختلاف بين الملل، وهو قابل للتطبيق في موناكو وفي الصين، مع أنه لايوجد أي شيء مشترك بين الدولتين. أما طرح الإسلام على أساس أمير المؤمنين وخليفة المسلمين والمرشد العام والمرشد الأعلى، أفلا يكفينا كوارث؟ هل هناك إسلام سياسي يمكن أن يتجاوز السنة والشيعة معاً في الفقه والطرح السياسي معاً؟ حيث نرى أن الإخوان المسلمين وحماس سنة، وحزب الله شيعة!

9 – علماء الدين مارسوا مهنة تحريف الكلم من بعد مواضعه، ذلك بأنهم أوجدوا فجوة بين اللغة والدين. فهناك المعنى الشرعي، وهناك المعنى اللغوي. فالعورة هي مايستحي المرء من إظهاره، وبالتالي لايرغب المرء بإظهاره، لذا قال البعض عن بيوتهم عورة وهي ليست بعورة، أي أنها ظاهرة للهجوم، فحولوها إلى معنى شرعي: عورة الرجل وعورة المرأة. ومن هنا فالعورة بمعناها اللغوي تختلف من مكان لآخر حسب مفاهيم الحياء في كل مجتمع. أما عند الفقهاء فهي حالة يجب أن تعمم في كل المجتمعات والبلاد من القطبين حتى خط الاستواء. ومن هنا لانجد أي انسجام بين الإثنين.

10 – نعم أنا أدعو لتخطي الفهم التراثي وأتمنى أن يأتي هذا اليوم لتصبح قراءتي المعاصرة تراثاً يمكن تجاوزه. فهذا يعني أنه يوجد لدى الناس مناهج معرفية أفضل. ويعني هذا أن الأمة التي ستمارس هذا التجاوز هي أمة دبت فيها الحياة. وإن لم تفعل ذلك فسألعنها من قبري.

11 – أنا لاأدعو إلى إلقاء التراث في سهلة المهملات لأنني أفرق بين القطيعة المعرفية والقطيعة التاريخية. أنا أدعو إلى قطيعة معرفية مع التراث مع الاستمرار التاريخي. وهذه القطيعة تدل على أن الأمة مازالت تنبض بالحياة، وهذا مافعلته وتفعله كل الأمم المتقدمة. فمثلاً في بريطانيا عائلة وندسور تحكم منذ عام 1066 إي حوالي ألف عام، وملكة بريطانيا من سلالة هذه العائلة، والإنكليز يفتخرون بذلك، ولكن حصلت أكثر من مرة قطيعة معرفية مع النتاج الفكري والفلسفي والعلمي البريطاني، حتى أن الملكية بقيت ولكنها هي نفسها تطورت. فسلوك الملوك الأوائل يختلف تماماً عن سلوك الملوك الحاليين. لقد بقيت عائلة وندسور، ولكن المجتمع البريطاني عبارة عن مجتمع مدني بامتياز؟

12 – يتم تنقيح الموروث من خلال النظام المعرفي، وليس بشكل مزاجي براجماتي، وهذا الذي يقول عنه البعض تنقيح الموروث من خلال منهج محدد، لامن خلال لجنة، أي تحديد وصياغة المنهج قبل تحديد لجنة التنقيح إن لزمت أصلاً.

الجزء الثاني


اسم السائل : Shakespeare
أهلاً دكتور محمد شحرور ، لدي مجموعة من الأسئلة وهي كالتالي :

1ـ ذكرت في كتابك " الكتاب والقرآن " بأن الرسول ليس أمياً ولكنه أمياً بالخط أي كان لا يخط و لا يقرأ المخطوط بالإضافة لأميته في كتب اليهود والنصارى ، ما الجديد في هذا التفسير فالجميع يعلم بأن أمية الرسول كانت في ذلك فقط ؟ .
2ـ قلت في إحدى مقابلاتك بأن الحج أشهر معلومات كما جاء في القرآن وليس يوم محدد ، وهذا كلام يقبله العقل بما أنه ورد في القرآن ، ولكن ذكرت بأن هذه الأشهر هي ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، و رجب ، ما هو الدليل على أنها هذه الأشهر بالتحديد ؟
3ـ هذا سؤال طُرح عليك في إحدى المقابلات معك :
تعتبر أن المقصود بالقلب في القرآن الكريم هو العقل .. و لكن الله تعالى يقول ( إنما لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ) .. ماذا تقول في ذلك ؟
وكانت إجابتك :
أقول أن صدر الشيء أعلاه .. و لهذا قال الشاعر :
نحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
الصدر هو هذا ( و يشير إلى جبينه ) .
سؤالي : هل من المنطق أن تكون قناعتك معتمدة على قول شاعر أكثر من كلام الله ؟ .
4ـ ما هي نظرتك للتفسيرات التقليدية كتفسير ابن كثير وغيره ؟ هل تراها إسرائيليات المصدر ؟ وهل المفسرين كانت مصادرهم واحدة ولم يكونوا على صواب ؟ .
5ـ ألا ترى بأن الحديث عمل أزمة شك في الإسلام وخصوصاً فيما يتعلق بما يتناقض منه مع القرآن ؟ .
6ـ طالما أن الدين الجديد السائد أورثنا التخلف والخنوع إذن لا يمكن أن يكون هو نفس الدين الذي أُنزل على محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولكن كيف نستطيع أن نوعي أمة كاملة بهذه الحقيقة ؟ .
7ـ أعتبر بأن الليبرالية تدعو إلى ما نادى به الدين الإسلامي الصحيح وتمنح الحريات كما منحها الله لبني البشر ولكن أتى بها الغرب في اسم مختلف ، ما رأيك ؟ .
8ـ ما الذي يؤكد بأن القرآن حقيقة مطلقة ولم يُحرف كالكتب السماوية الأخرى بغض النظر عن آية : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) ؟ .

تحياتي لك ،،


إلى السيد شكسبير :


1 – الأمي كما وردت في التنزيل الحكيم هو غير اليهودي وغير النصراني، ولا علاقة له بالقراءة والكتابة (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) وهو ما يطلق عليه اليهود (غوييم) لذا فإن الرسول (ص) كان أمياً لأنه لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، وكان لا يخط ولا يقرأ المخطوط فقط (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون) ولكن رسول الله (ص) كان يكتب، وعندما نقول: كتاب الله هل نعني أن الله هو الذي خطه؟ أم هو الذي ألفه؟ فالدكتور طه حسين أملى على سكرتيره، وكانت الكتب من تأليف طه حسين. والقراءة هي العملية التعليمية، وكان الرسول (ص) فطناً لأن الفطنة من صفات النبوة وكان يفهم (يقرأ) بسرعة ما يخاطبه به الناس.
2 – نعم، الحج أشهر معلومات وليس يوماً واحداً الذي هو التاسع من ذي الحجة. فإذا كان الحج عرفة وهو يوم محدد، فهذا اليوم هو أي يوم من الأشهر الحرم لأن ذو الحجة من الأشهر الحرم وتاريخ 9 ذي الحجة كان يوم عرفة قبل البعثة وبقي كذلك. وفي البعثة قال: (أشهر معلومات) وقوله (معلومات) لأنها معروفة وهي ذي القعدة – ذي الحجة – المحرم وهي بالتتالي ثم رجب، أي أن هناك 119 يوماً كل يوم منها عرفة، ولكن مناسك الحج تتم في أيام معدودات وهي يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وقد شرحت هذا بشكل مفصل في كتابي الجديد (الدولة والرسالة) في بحث قصص الأنبياء – بحث حول إبراهيم (ع).
3 – القلب في كل شيء هو أشرف جزء فيه، فهل أهمل الله في تنزيله الحكيم أشرف عضو في الإنسان وهو الدماغ، وتكلم عن القلب الذي هو العضلة القلبية برأيكم (أم لهم قلوب يعقلون بها) والقلب هو محل التقوى.
وفي برنامج لقناة إقرأ تقدم السيدة حنان القطان رسوم للعضلة القلبية، وذكرت كل الآيات التي وردت في التنزيل الحكيم وفيها كلمة القلب على أنه العضلة القلبية ووضعت مجسماً للعضلة القلبية ولم تترك لنا مجالاً لنجد لها عذراً إلا أنها نسيت شيئاً واحداً فقط وهو أن العضلة تضخ الدم إلى بقية الجسم.
أما الصدر فهو أعلى كل شيء، ومكان القلب هو الرأس (الجمجمة). لذا قال (إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). وأنا أسأل السيد شكسبير: أي عمى يوجد في الرئتين والعضلة القلبية، ونهاية العين إلى العصب البصري في الدماغ، وليس إلى الرئتين ولا إلى العضلة القلبية. أما القلب والصدر فقد استنتجت معناهما مباشرة من تقاطع الآيات (قلوب يعقلون بها) (لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) ثم أوردت قول الشاعر تأكيداً لهذا وعطفاً عليه وليس قبله.
4 – إن التفاسير التراثية الموجودة بين أيدينا تعكس الأرضية المعرفية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لزمن المفسر، بالإضافة إلى بصمته نفسه. وبما أن المعلومات التاريخية كانت ضئيلة عندهم فقد اعتمدوا على الإسرائيليات خاصة فيما يتعلق بقصص الأنبياء، ونشأة الكون والإنسان ولم يكن أمامهم خيارات كثيرة.
5 – الحديث هو نفق مشى به المسلمون ولم يخرجوا منه إلى اليوم، ولكن إن كان هناك سنة نبوية قابلة للمناقشة فهي التالية:
- ماهي الأشياء والأفعال التي أول من قام بها محمد (ص) لأول مرة بتاريخ الإنسانية؟ فإن كانت الحجامة هي من دل عليها النبي (ص) ولم تعرفها البشرية قبله، ثم قلت الحجامة طب نبوي، فيمكن أن تكون قابلة للنقاش. أما أن يكون الأكل باليد اليمنى، وملايين الناس قبله ومعه وبعده يأكلون باليمين هي سنة فلماذا هي أصلاً سنة. فإن أراد الناس تقديم السنة فعليهم تقديم الأشياء والأفعال التي قدمها الرسول (ص) ولم يعرفها أحد قبله. وأنا أرى أن معظم محتويات كل كتب الحديث لاتستحق أن يبعث الله رسولاً من أجلها، وكفانا متفق عليه وبقية المصطلحات التي لامعنى لها.
6 – الدين الذي ورثناه هو أسلمة الواقع ابتداء من القرن السابع. ووضعت الأسس للإسلام في القرنين الثاني والثالث الهجريين في دولة مستبدة طبقية ضمن نظام معرفي بدائي، ومعظم ماوصلنا على أنه إسلام هو الثقافة البدوية البدائية التي سادت في القرن السابع الميلادي، أي في عهد النبوة والخلافة الراشدة والأمويين. علماً بأنني كتبت عن هذه في كتابي الجديد الذي سيصدر بعنوان (الدولة والرسالة) وإذا تبعنا نظاماً معرفياً مغايراً معاصراً وقدمناه للأمة. فإن الأمة سترى عظمة التنزيل الحكيم وعظمة الرسول الأعظم (ص) .
7 - الليبرالية أنواع: السياسية والاجتماعية والاقتصادية. والسياسية هي أرقى أنواع الليبرالية. والجهاد في سبيل حرية الاختيار للناس جميعاً هو حصراًَ الجهاد في سبيل الله، وهناك جهاد مشروع ولكنه ليس في سبيل الله، فالدفاع عن الوطن جهاد، ولكنه ليس في سبيل الله. والشهيد لاعلاقة له بالذي يقتل في سبيل الله، أو في سبيل الوطن. فالشهادة لاعلاقة لها بالقتل والقتال. وكفانا تزوير على الله بإطلاق لفظ الشهيد والشهداء على كل من قتل. فشهداء بدر هم من حضر معركة بدر من الذين قتلوا ومن الذين بقوا على قيد الحياة من المؤمنين والمشركين.
وإن هذا الموضوع حول الليبرالية والحرية والجهاد والولاء والبراء كل هذا تمت تغطيته في كتابي الجديد.
8 – إن كان هناك قرآن آخر، فأين هو؟؟ ثم إذا تبين أن هناك خبر كاذب في القرآن فنعرف أنه محرَّف، فأنا شخصياً لم أجد هذا حتى الآن.

اسم السائل : المنار
سعادة الدكتور/ محمد شحرور :
تحية تليق بقامتكم الشامخة .

كتابكم الخامس ( كما يقال ) هو اخطر واهم كتاب قمتم بتأليفه ، فمتى يبصر النور ، وهل نطمح الى أن تتفضلوا بإعطاء لمحة بسيطة عن موضوعات الكتاب .
مع خالص ودي وتقديري لشخصكم الكريم . لاعدمناكم .


إلى السيد المنــار :

عنوان كتابي الجديد هو (الدولة والرسالة) وسيصدر في نهاية هذا العام إن شاء الله، وفيه شرحت موضوعات القصص القرآني لتبيان قوانين التاريخ وتطور المجتمعات البشرية ولماذا كانت رسالة محمد (ص) هي الخاتم. وبينت أن هناك جزء اسمه القصص المحمدي في التنزيل الحكيم كقصص موسى ويوسف وإبراهيم ونوح. وهذا القصص موجود في سورة التوبة التي هي نص تاريخي كقصة يوسف تؤخذ منها العبرة ولايؤخذ منها التشريع. وكذلك شرحت مراحل نشوء الدولة بدون اللجوء للناسخ والمنسوخ. لأن الناسخ والمنسوخ هو بين الرسالات، لافي الرسالة الواحدة. وبحثت لماذا يقولون أن الإسلام طبق في عهد الرسول (ص) والشيخين أبو بكر وعمر فقط. وكذلك بحث التأويل والتشريع وبحث المعوذتين وفي الإسراف والتبذير، ونظرة جديدة إلى مقاصد الشريعة.

اسم السائل : الراصد العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

عزيزي الدكتور محمد شحرور حفظك الله من كل مكروه

السؤال :

1- كيف نستطيع احتواء المذهب الشيعي الفارسي للمذهب السني العربي
بحق لا إله إلا الله

أستغفر الله من الفكر الردي ان تابعته فلتات الخلد
ونزعة النفس لسوء المقصد ينتابها اللطف بمقتضاه
شكراً تحياتي


إلى السيد الراصد العراقي :

لايمكن احتواء المذهب الشيعي الفارسي للمذهب السني، ولايمكن احتواء المذهب السني للمذهب الشيعي التاريخي، لأن نشأة المذهبين نشأة سياسية بامتياز، ولكي يحافظ كل مذهب على استمراريته نشأ في المذهب الشيعي جانب غيبي لأنه كان في المعارضة مدة طويلة ولهذا ظهرت عصمة الإمام، والإمام الغائب. وجاءت استمرارية المذهب السني من أنه كان في السلطة طول الوقت. ولكن رجال الدين الشيعة أكثر تراتبية وأكثر تنظيماً من رجال الدين السنة. وعند الشيعة ثقافة القطيع بامتياز. وتجد أن الشيعة الفرس أكثر مالاً من غيرهم.

اسم السائل : عبد الله الحميد
الدكتور / محمد شحرور

تحية طيبة

كتب في الردّ على محمد شحرور أكثر من عشرة كتب..؛
فما موقف الدكتور / محمد شحرور من هذه الردود :
هل قرأها جميعها أو بعضها..؟
هل استفاد منها في إضافة علمية أو تصحيح خطأ أو غير ذلك ؟
كيف يقيّم هذه الردود ؟
* بين يديّ الآن كتاب ( الكتاب والقرآن : قراءة معاصرة ) للدكتور / محمد شحرور ، وبجانبه كتاب
( تهافت القراءة المعاصرة ) للدكتور / محامي منير محمد طاهر الشواف [ وهو أحد الكتب التي ردت على كتاب ( الكتاب والقرآن..) لشحرور ] .
أشار الشوّاف في كتابه المشار إليه أعلاه ( ص 9 من طبعته الثانية 2004 م ) إلى رفض الدكتور / شحرور للحوار مع أنّ الشواف دعاه إلى الحوار مراراً...!
فهل من تعليق ؟

مع شكري الجزيل... .


إلى السيد عبد الله الحميد

لقد قرأت كل الردود التي ظهرت وعلمت بها في الرد على مؤلفاتي، ولا أدري: هل علمت بها كلها أم لا؟
في هذه الردود تختلف المنطلقات ولتوضيح ذلك أورد مايلي:
قرأت كتاب الطب النبوي تأليف ابن القيم الجوزية، ولا أدري لماذا تم طبع هذا الكتاب علماً بأنه مضيعة للوقت والمال، حيث يذكر ابن القيم الجوزية في هذا الكتاب النظام المعرفي في الطب والقائم على البرودة واليبوسة والحرارة والرطوبة. ونحن الآن نعيش في بداية القرن 21، فكيف يمكن أن تقابل إنساناً يفهم الطب على مستوى ابن القيم، وإنسان يفهم الطب على مستوى القرن 21. وهذا هو وضع الردود على مؤلفاتي، فكلها انطلقت من منطلقات القرنين الثاني والثالث الهجريين، وعندي منطلقات أخرى مختلفة تماماً، فمثلاً السيد منير الشواف وضع في كتابه في الرد ما يلي :
اللوح المحفوظ = الإمام المبين .
وهو محامي وأنا أعلم أن لغة المحاماة تبدأ بالتعريفات والمصطلحات في بند وعقد. أما في التنزيل الحكيم فلا مانع أن يكون اللوح المحفوظ هو الإمام المبين!!! .
إني أتمنى أن أقرأ رد من خلال منهج حديث، فإن هذا الرد سيكشف لي أخطائي وسيكون صاحبه شريكي في العمل، وكلما زاد عدد المتبنين لمناهج جديدة كلما زادت الفائدة.
أما من حيث الحوار، فقد حاورت الدكتور عبد الصبور شاهين والدكتور عبد المعطي بيومي والدكتورة سعاد صالح على قناة الأوربت في أكثر من عشرين حلقة كل منها ساعتين على الهواء مباشرة، وكانت الحوارات هادئة وبناءة مع الحفاظ الكامل على أدب الحوار، والفضل في ذلك يعود للإعلامي الكبير عماد الدين أديب الذي أكن له كل ود واحترام .
أما الحوار على مبدأ الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة عند الأستاذ فيصل القاسم، فهذه مهزلة وليست حواراً.

اسم السائل : مي زيادة
فضيلة الدكتور محمد شحرور يسعدنا ويثرينا تواجدك في شرفتنا

وأسئلتي كما يلي :

1- أنت ترى أن الإصلاح الديني له أولوية تسبق الإصلاح السياسي ، ونحن نرى أن التجديد الديني مسألة شائكة لا يمكن انتظار نتائجها البطيئة أو المرفوضة من قبل ذاكرة جمعية كبيرة وواسعة ، فالمسألة تحتاج لقرون لكي يستوعبها الإنسان البسيط ، أو ذاك المنتفع من جموده، كما نرى أن هذا الطرح يمنح الأنظمة العربية مبرراً مجانياً للعزوف عن تحقيق مطالب الشعوب في الإصلاح السياسي، بما يشمله من إرساء دولة العدالة والقانون ومؤسسات المجتمع المدني ،والمشاركة الشعبية في القرار ، التي من شأنها التشريع لاحترام حق حرية التعبيروالرأي والاعتقاد ؛ مما سيؤدي- حتماً- إلى نقد وتجديد الفكر الديني دون تكفير أو أو تصفيةأو محاكمة!!
ألا توافقنا الرأي أن الإصلاح هو حزمة متكاملة لا يمكن بعثرتها، وأن السياسي يسبق الديني أويصب في خدمة إصلاحه وتنقيته؟
2-كانت لك تفسيرات خاصة حول موضوع الإرث كما جاء في القرآن الكريم ، كم أتمنى طرحها هنا باختصار مفيد
3- لم يرد في القرآن الكريم حداً للزنى غير 80 جلدة فعلى أي شريعة اعتمدت الحدود المطبقة في بعض الدول والتي تتخذ الرجم حتى الموت للزانية عقوبة شرعية إسلامية، ولماذا لا نسمع عن رجم الزاني ؟؟
4- لعلك سمعت عن ظاهرة التفريق بسبب عدم تكافؤ النسب من قبل القضاة ،تلك التي برزت في مجتمعنا السعودي مؤخرا، كيف تقرأ هذا الإجراء ؟ وما السبل المقترحة للوقوف بوجه طوفانه

مع جزيل تقديري


إلى الأخت مـي زيادة :

1 – نعم إن الإصلاح الديني (الثقافي) والسياسي عبارة عن حزمة كاملة، ولكن للإصلاح السياسي يجب أن يكون هناك طليعة فكرية تطرح ثقافة جديدة وأفكار جديدة. وانطلاقاً من هذا فإن الموضوع المطروح هو السياسة والدين والدولة والمجتمع المدني شرحته تماماً كما أعتقد في كتابي الجديد (الدولة والرسالة).
2 – فيما يتعلق بالإرث فقد شرحته بالتفصيل بحوالي 50 صفحة في كتابي الرابع (نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي – فقه المرأة) فانظريه.
3 – لقد ورد في التنزيل الحكيم حد الزنا 100 جلدة وليس 80، وحد الرجم اعتمد على شريعة موسى، ونسخه عيسى بن مريم في رسالته. وبما أن اليهود لم يعترفوا بنبوة ورسالة عيسى، فأبقوه. وتبني حد الرجم هو تأثير إسرائيلي على الشريعة، ولاتنسي أن جزءاً كبيراً من سكان يثرب كانوا من اليهود.
أما في التنزيل الحكيم فقد وضع الزانية قبل الزاني في قوله (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) للتأكيد على أنه يتكلم عن عملية رضائية، وليس اغتصاباً.
4 – إن ظاهرة التفريق بسبب عدم تكافؤ النسب من قبل القضاة، تؤكد أن المجتمع الذي يمارسها هو مجتمع قبلي بامتياز. وهذه الظاهرة تدل على أنه متخلف اجتماعياً ومازال بعيداً عن كونه مجتمعاً مدنياً. وليس من الغريب أن تظهر الحركات المتطرفة التي تمارس العنف من هذا المجتمع. لأن المجتمع القبلي لاعقلاني. وهذه الحركات أهم سماتها اللاعقلانية. والسبيل مؤقتاً هو الإصلاح القضائي ومؤسسات المجتمع المدني هذا إن وجدت، لأنني أخشى أن يكون أعضاء مؤسسات المجتمع المدني عندهم أيضاً داء القبلية. وحسب ما أعرف أن الطبقية في المجتمع السعودي سائدة تماماً، فهناك القبيلي ويوجد فيه درجات، وهناك الخضيري ويوجد فيه درجات، وهناك العبيد الذين أصبحوا مواطنين. ولايوجد صهر ونسب بين هذه الفئات الثلاث. أعتقد أنه مازال أمامنا وقت طويل لنجتاز هذه الطبقية إلى المجتمع المدني.

اسم السائل : تابو
مرحبا بضيفنا الكريم..

سؤالان سريعان:

1- ما رأي الدكتور بمسألة الخلاف في حجاب المرأة؟ و هل لك أن توضح رؤياك لنا؟
2- ما رأي الدكتور بعلاقات المسلمين بأهل الكتاب؟ و هل لها ضوابط و حدود؟ لا سيما و أن الكثير من المسلمين يعتبرون أهل الكتاب أعداء لنا بناء على الظروف السياسية الحالية..

شكراً للدكتور محمد شحرور على اتساع صدره لأسئلتنا..


إلى السيد تابو :

1 – حجاب المرأة الآن هو موقف سياسي بحت، لأننا عجزنا عن تقديم أي شيء للغرب أخلاقياً وتكنولوجياً وعلمياً، فوجدنا أن حجاب المرأة هو الشيء الوحيد الموجود عندنا، وغير موجود في الغرب، فجعلنا منه قيمة، وسيسناه لنميز أنفسنا. والنتيجة على حجاب المرأة تتبين لنا أننا أمة مأزومة ومهزومة، علماً بأن حجاب المرأة ليس من أركان الإسلام ولا من أركان الإيمان. وقد شرحت هذا بشكل تفصيلي في كتابي الرابع (نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي – فقه المرأة – بحث حجاب المرأة) .
2 – علاقة المسلمين بأهل الكتاب شرحتها بشكل مفصل في بحث الولاء والبراء في كتابي الذي سيصدر قريباً.

اسم السائل : حفيد سقراط
الاخ الكريم
الدكتور محمد شحرور
اهلا وسهلا بك ضيفا واخا عزيزا
اكن لشخصكم الكريم تقديرا منذ زمن بعيد
وكم أنا سعيد أن أراك هنا
لذا سيدي ارجو ان تكون اجابتك شافية وواضحة بالنسبة لي

السؤال الأول
في كتابك (الكتاب والقرآن) ذكرت أن الرسالة تتألف من الحدود والعبادات التي تعتبر من الحدود والوصايا وهي التي جاءت تحت مقام الرسالة (يا أيها الرسول) وذكرت أن مقام النبوة أنها
1- تعليمات خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم
2- أو تعليمات مرحلية جاءت لحقبة معينة
3- أو تعليمات عامة للمسلمين ولكنها ليست تشريعات

ما أشكل عليّ في مقام النبوة هي آية الطلاق رقم (1) فأنت ترى أن الله قال في الآية أنها من (حدود الله) ومع ذلك بدأت بقوله (يا أيها النبي) ..
وأعلم أن ما قلته في كتابك أن السبب قوله في نفس الآيه (وأحصوا العدة) ..
كلامك غير واضح

كل ما أرجو توضيح هذه النقطه أكثر ولماذا بدأت الآيه بـ (يا أيها النبي) مع أن محتوى الآية
من (حدود الله) فعلى منهجك كان لا بد أن تبدأ بـ (يا أيها الرسول) .

السؤال الثاني
بعد قراءتي لكتابك (الإسلام والإيمان) قدح في ذهني هذا السؤال وهو :
هل هناك غفران للذنوب بعد الإسلام إن لم يكن مؤمنا ؟
أم أنه يشترط لـ غفران الذنوب الإيمان ؟
أتمنى أن أجد جوابا واضحا بارك فيك المولى ..
هذه أسئلتي إلى الآن .. وقد أعود

أخوك/حفيد سقراط


إلى السيد حفيد سقراط :

1 – حول آية الطلاق التي تقول: (ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة) فكونه قال (أحصوا العدة) والإحصاء هنا يختلف عن العدّ، فهنا تدخل المعلومات وهي أن الأساس في الطلاق براءة الرحم وهذا هو إحصاء العدة، أما الثلاثة أشهر التي قال عنها (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولايحل لهن أن يكتمن ماخلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) فهناك حدود:
آ – الحد الأول: براءة الرحم (وأحصوا العدة) ويمكن أن يكون بفحص طبي مؤكد.
ب – احد الثاني: في حال الطلاق الرجعي، الانتظار ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر وذلك لكي تبقى حالة البعولة (وبعولتهن) ولم يقل (وأزواجهن) وذلك لكي يتسنى أن يكون صلح، وزوجية في حالة الجماع الجنسي أي يصبح زوجاً.
ج – الحد الثالث: في حال وجود الحمل، وأراد الزوج أن يردها، فرأيه له الأفضلية على رأيها من أجل جمع شمل العائلة والطفل لذا قال (وللرجال عليهن درجة)، والسادة الفقهاء وضعوا هذه الحالة على إطلاقها. أي أن المرأة التي طلقت للمرة الثالثة لاتحل لزوجها حتى تتزوج رجلاً آخر.
وعدتها هي براءة الرحم فقط أي إن قامت بفحص طبي مؤكد فهذا ينهي عدتها. ومن أجل هذه التعليمات قال تعالى: (ياأيها النبي) وقال تعالى (وأحصوا العدة).

2 – الأساس هو الإسلام يتبعه الإيمان أي أنه – لاإله إلا الله – بدون – محمد رسول الله – لاغبار عليها. وبما أنه تاريخياً لايوجد شيء قبل الإسلام، فكل شيء قابل للمغفرة بعد – لاإله إلا الله – (إن الله لايغفر أن يشرك به) والشرك الذي لايغفر هو شرك التجسيد، أي أن الذين قالوا إن الله هو المسيح، فقد أشركوا شرك التجسيد الذي لايغفر، وهؤلاء يختلفون تماماً عن الذين قالوا (إن الله ثالث ثلاثة).
ولكن من دخل الإيمان فقد كفَّرَ ذنوبه السابقة على الإيمان (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) .

اسم السائل : jetaar
مرحباً بسعادة الدكتور شحرور بيننا ..

سؤالي :

- من أين أتى حد الزنا المتضمن الرجم بالحجارة .. برغم أن الذكر الحكيم كان قد وضع حد الجلد كعقوبة لمن أرتكب الزنا وذلك في قوله تعالى :
"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور : 2]"

- يستند أهل الحديث في تثبيت حد الرجم على مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة ) على اعتبار أنها آية نسخت تلاوة وبقية حكماً .. أضافة إلى أنهم يستندون في ذلك على القصة المروية عن ماعز والغامدية برغم أنها من قصص الأخبار وتصنف من النوع الآحادي في تناقلها ..

سعادة الدكتور الفاضل / شحرور ..
أتمنى أن تلقي الضوء على الإشكال الحاصل في هذا الأمر .. وهل سورة النور نزلت بعد أو قبل حديث ماعز والغامدية هذا إذا قلنا بصحة هذه الرواية .
ولسعادتكم بالغ التقدير


إلى السيد جيتـار :

لقد أتى حد الرجم بالحجارة حتى الموت للزاني في شريعة موسى، وهذا الحد ألغاه عيسى بن مريم (ع) برسالته وحتى قبل البعثة المحمدية.
إن أطروحة الناسخ والمنسوخ عبارة عن وهم وخدعة، وتخريجة من أجل حل بعض المتناقضات التي بدت لهم سابقاً كآية السيف في سورة التوبة، وآية (لا إكراه في الدين).
ولكي أثبت لك أن هذا الطرح حول هذه الآية المزعومة بأنها نسخت لفظاً وبقيت حكماً هو محض هراء سأورد مايلي:
ورد في بعض المراجع أن الإمام الشافعي استنتج عشرات الأحكام الشرعية من قول النبي لأحد الأطفال: (يا أبا عمير ما فعل النغير).
وأنا أستغرب لماذا لم يستنتج السادة الفقهاء الأحكام الشرعية العديدة من هذه الآية المزعومة، ولكني أنا سأقوم – مقلداً الفقهاء – بهذه المهمة من باب السخرية فقط:
لقد ورد لفظ الشيخ في التنزيل الحكيم في أربعة مواضع، وكلها وردت بمعنى واحد وهو كبر السن، ونحن نعلم أن سن الشيخوخة هو بلوغ الإنسان الستين عاماً فما فوق. وقد ورد في قوله تعالى (قالت يا ويلتاه أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً) وقوله تعالى (وأبونا شيخ كبير) وقوله تعالى (يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبير) وقوله تعالى (ثم لتكونوا شيوخا) . فإن كانت هذه الآية المزعومة التي تقول (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة) على أساس أن الشيخ والشيخة: رجل وإمرأة بلغا أو تجاوزا الستين عاماً من العمر فإننا نستنتج الاحتمالات التالية، ولكن بعد أن نعرف الزنا:
شروط صحة الزواج: الإيجاب والقبول والمهر والإشهار، والحد الأدنى للإشهار شهيدين.
شروط صحة الزنا: الإيجاب والقبول - وقد يكون بأجر وهو بغاء - وإشهار. والحد الأدنى حتى يقال أن هذا الرجل زانٍ هو أربعة شهداء. فإن لم يكن هناك إيجاب وقبول فهو اغتصاب وليس زنا. وإن كان أقل من أربعة شهداء، فلا يوجد أية عقوبة. والعقوبة هي حق المجتمع من أجل العلنية. وعلينا أن ننوه بأن إثبات جريمة قتل يكفي شهيد واحد، وإثبات عقد النكاح يكفي شهيدان، أما إثبات الزنا فيلزمه أربعة شهداء. والسبب أن الزنا حرام وعليه عقوبة، ولكنه جريمة رضائية. ففي القتل لايوجد إتفاق ورضا بين القاتل والمقتول، ولو أن الله ترك تحديد شروط تنفيذ العقوبة للفقهاء لوجدت يومياً آلاف الرجال والنساء يضربون بالسياط.
الآن لنأخذ الاحتمالات التالية للشيخ والشيخة:
الاحتمال الأول: بلوغ سن الستين فما فوق من حيث السن وهذا ماورد في التنزيل الحكيم.
أما المعاني التي أضيفت اجتماعياً لمصطلح الشيخ هي التالية:
الاحتمال الثاني: رجل الدين وقارئ الذكر الحكيم مثل الشيخ (خالد الجندي) عمره دون الستين، والشيخة (حنان قطان) عمرها دون الستين.
الاحتمال الثالث: لقب وجه في القبيلة شيخ القبيلة أو شيخ العشيرة بغض النظر عن عمره، وكثير منهم دون الستين من العمر. وقد يحمل هذا اللقب إنسان لاينتمي إلى قبيلة أو عشيرة بل إلى عائلة وجيهة مثل الشيخ سعد الحريري، فهو ليس عالم دين وليس شيخ قبيلة وعمره دون الستين.
فإن أخذنا الشيخ والشيخة من مجموع الاحتمالات هذه نتج لدينا عشرات الاحتمالات أذكر منها على سبيل المثال:
1 – رجل عادي عمره 60 سنة فما فوق (شيخ) مع امرأة عمرها 60 سنة فما فوق (شيخة) مارسا الجنس في مكان عام بحيث توفر أربعة شهداء حد أدنى. فما هو الحكم؟؟!!
2 – رجل عادي عمره 60 سنة فما فوق (شيخ) مع إمراة عادية عمرها 30 سنة ليست شيخة، الحكم حسب الآية: يرجم الرجل، ويخلى سبيل المرأة، أو تجلد حسب آية جلد الزاني.
3 – رجل عادي عمره 30 سنة (ليس شيخاً) مع امرأة عمرها 60 سنة فما فوق (شيخة)، الحكم حسب الآية: يخلى سبيل الرجل حسب منطوق الآية المزعومة، أو يرجم حسب آية جلد الزاني، وترجم المرأة.
4 – شيخ عمره فوق 60 سنة، وهو شيخ دين، أي أنه شيخ مضاعف، مع امرأة عادية عمرها 60 سنة فما فوق (شيخة)، الحكم حسب الآية: هو يرجم مرتين حتى الموت، وهي ترجم مرة واحدة.
5 - رجل عمره فوق 60 سنة (شيخ)، وهو شيخ دين، أي أنه شيخ مضاعف، مع امرأة عادية عمرها 30 سنة (ليست شيخة)، الحكم حسب الآية: هو يرجم مرتين حتى الموت، وهي يخلى سبيلها لعدم تطبيق الآية المزعومة عليها، أو تجلد حسب آية جلد الزاني.
وأترك للقارئ الكريم نتيجة بقية الاحتمالات ليرى المهزلة بنفسه. هذا القول عن هذه الآية المنسوخة لفظاً والباقية حكماً هو من الترهات.
هذا السؤال طرح الكثير حول قصة ماعز قبل سورة النور أو بعدها، ولكن التنزيل الحكيم بنفسه ينفي الحكم بالموت، فالجلد عذاب (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). والمرأة المتزوجة إن رماها زوجها بالفاحشة وهو شهيد الحادثة فشهادته بأربع شهادات ليقيم عليها الحد وهي متزوجة، وحسب قولهم أن المتزوجة ترجم حتى الموت، ولكنه قال (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات) مما يدل أن الزنا له عقوبة واحدة في التنزيل الحكيم سواء كانت محصنة أو غير محصنة، ولايطلق هذا اللقب (الزاني) إلا في حال توفر الحد الأدنى من الشهداء وهو أربعة. وهذا يدل على أن سورة النور نزلت بعد حادثة ماعز إن صحت الحادثة.

اسم السائل : نور الدين
عندما يكون الرسول صلى الله عليه و سلم هو المبعوث بالرسالة و المتلقي للوحي فهو خير من يفسر القرأن . فلماذا يلغي القرآنيين الأحداث الشريفة و السنة النبوية حينما يتحدثون عن أمور الفقه ؟


إلى السيد نور الدين:

إن إطلاق لقب القرآنيين كما لو أنه معيبة، ولكن مع ذلك أضع الاحتمالات التالية بالنسبة للتنزيل الحكيم:
1 – إنه من تأليف محمد (ص)، وفي هذه الحالة فهو أعلم إنسان، ماذا كتب، وهو الوحيد المرشح لشرح مقالته.
2 – إنه من عند الله ولكنه مرحلي، وهناك رسل قبل محمد (ص) وكانوا مرحليين لأقوامهم. في هذه الحالة أيضاً، وبما أن رسالتهم مرحلية لأقوامهم فقد شرحوها لأن قوم الرسول هم المعنيون مباشرة.
3 – إنه من عند الله وهو الخاتم، وهو لكل أهل الأرض إلى أن تقوم الساعة. في هذه الحالة لإثبات أنه من عند الله وأنه لكل أهل الأرض، فالامتناع عن شرحه هو أثبت لنبوة محمد (ص)، لأن الشرح سيكون لمن؟ هل لمعاصريه؟ أم لنا؟ الشيء الوحيد الذي شرحه لنا الرسول (ص) في السنة الرسولية هو أركان الإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهي من الثوابت، وبها يُعرف أتباع الرسالة المحمدية. ولو أن النبي (ص) كان يشرح القرآن مثلاً بين العصر والمغرب لأطلقنا عليه لقب الشيخ محمد بن عبد الله بدل النبي (ص). ثم أنني أورد السور التالية: الأنعام – الأعراف – يونس – يوسف – الأنبياء – سبع سور التي تبدأ بـ (حم) . كلها من طوال السور، وابحث ياسيد نور الدين ماذا شرح النبي فيها؟ الجواب لاشيء، وستجد بعض الجمل هذا إن وجدت. فأطروحة شرح النبي (ص) للقرآن غير صحيحة على أرض الواقع، وماكان له وماينبغي له أن يشرح القرآن. وقول عائشة "إن النبي كان خُلُقُه القرآن" غير دقيق لأن القرآن يحتوي على حقائق، ولايحتوي على أخلاق، لأن الأخلاق في أم الكتاب.
ثم إن قوله تعالى (وماينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) هو السنة، هذا كلام مردود على من يقوله، لأنه لايفرق بين القول والنطق. فالتنزيل قول الله ونطق رسول الله. وهذه الآية لاتنطبق ولاتصدق إلا عليه.
أما شرحهم آية (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل عليهم) هو أن الإنزال هو بيان التنزيل والبيان هو الإعلان وضد الكتمان وليس الشرح (ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير) و (وإذ أخذنا ميثاق الذين أوتوا الكتاب من قبلكم لتُبِيَنَّنه للناس ولاتكتمونه) فمعنى هذه الآية على أنها السنة مردود على من قالها.

اسم السائل : سعود
نشكر لإدارة الشرفة اتاحة الفرصة لنا للمشاركة وتوجيه الاسئلة للضيف

سؤالي للدكتور محمد شحرور

1/ ما هو رأيك في تسيس الدين في الدول العربية وخصوصاً في دول الخليج ؟
2/ ومن هو المسؤل في رأيك عن ظاهرة التطرف التي يعاني منها المسلمين ؟

شكراً


إلى السيد سعود :

1 – تسييس الدين هو إفساد للدين والسياسة معاً. فعندما يسيس الدين يدخل مباشرة الجانب الغيبي في القرارات السياسية لأنه لايوجد دين بدون جانب غيبي. فيمكن أن تتخذ القرارات السياسية على اساس قرب ظهور الدجال مثلاً. ويدخل مثلاً قوله تعالى (وما النصر إلا من عند الله) وتخوض حرب على هذا الأساس فتنهزم شر هزيمة. هذا من ناحية الدين في السياسة. أما السياسة في الدين فهناك قرارات سياسية تافهة جداً وخاطئة، وهناك تصرفات خاطئة جداً من السياسيين، فتلصق هذه القرارات باسم الدين. ففي إيران مثلاً ظاهرة اللواط موجودة قبل الثورة الإسلامية وبعدها. فإن تم بعد قيام الثورة الإسلامية إعلان أن هناك ظاهرة اللواط في إيران فسيتهم الإسلام بذلك.
السياسة لها علاقة بالعلاقة بين الشعوب وأساسها التعارف، والدين له علاقة بالأمم. وهناك فرق كبير بين الأمة والشعب. السياسة تقوم على المصالح حصراً داخلياً وخارجياً، لذا فهي تمارس مع أفراد الشعب وبين الشعوب. أما الدين فيمارس على نطاق الأمة.
أنا لاأقول بإهمال الدين.. أقول بفصل الدين عن السياسة، لاعن المجتمع. لأن الدين عالمي، والسياسة محلية. هكذا فافهم.

2 – ظاهرة التطرف مسؤول عنه الأمور التالية:
آ – مشاريع التحديث التي ظهرت في الوطن العربي خانت وعودها وفشلت وكان إعلان فشلها في حرب 1967.
ب – مشاريع التحديث كانت مشاريع مستبدة وشقت المجتمع أفقياً.
ج – مشاريع التحديث أعطت مالاً لنصف الشعب الفقير لتقتل به النصف الآخر، وبقيت هي على قمة الهرم.
د – إن الثقافة الإسلامية الموروثة ثقافة لاتحترم الحياة ولاتحترم الحرية .
هـ - إن الثقافة الإسلامية الموروثة التي صنعها العلماء الأفاضل وبجهد المؤسسات الدينية الأزهر والزيتونة ورابطة العلماء والنجف وقُم، حولت الشعوب إلى قطعان. وهذه القطعان جاهزة لكي تُذبح أو تَقتل، فالأمر سيان.
و - إن الثقافة الإسلامية الموروثة فيها الأبيض والأسود (الكفر والإيمان).
ز – تقديم الولاء والبراء من قبل الفقهاء وبشكل إقصائي مرعب، وأصبح سلاحاً ذو حدين، وأصبح يُستعمل على من قدَّمه.
ح – لاأستطيع أن أعزي ظاهرة التطرف إلى الوضع الاقتصادي فقط، فهناك كثير من المتطرفين ميسوري الحال وليسوا فقراء، لا بل أغنياء جداً (أسامة بن لادن مثلاً)، ولكن السبب هو هذه الثقافة التي أنتجت هذه الإيديولوجيا.

اسم السائل : عبد المجيد الشراري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحببت أن أتوجه بسؤالي الى الدكتور / محمد الشحرور

هو سؤال يدور في عقول الكثير من أبناء الأمه لم تأخّرنا وتقدّم غيرنا ؟

في رأي الكتور الشحرور ما هي اولويات المفكر العربي , هل هي تتحدد بمحاولة صياغة مشروع تنويري نهضوي , أم ايجاد تصور اسلامي جديد يقوم على منهج علمي , أم الدفاع عن النسخه الإسلاميه المعاصره , أم نقدها لتبيين مكامن الخلل والقصور أم ماذا ؟ أفدنا رعاك الله


عبد المجيد الشراري


إلى السيد عبد المجيد الشراري:

هذا السؤال هو الشاغل لكثير من أبناء الأمة: لمَ تأخرنا وتقدم غيرنا؟ الجواب: لقد قرأت كتاباً طبع حديثاً بعنوان الطب النبوي للمؤلف ابن القيم الجوزية، وقد طبع طباعة أنيقة حديثة معاصرة وتجليد فني، والمحتويات هي شرح طبي قام على أساس أن العالم يتألف من الهواء والماء والنار والتراب، وخصائص الأبدان قامت على أسا البرودة والرطوبة والحرارة واليبوسة، وعلم النفس قام على أساس السوداوية. هذا مستوانا الفكري ياأستاذ، ثم في حلقات قناة إقرأ الفضائية وتحت عنوان الطب النبوي يقول أحدهم، وهو طبيب ملتحي يحمل بورد أميركي وعنده مركز أبحاث في أمريكا يقول بالحرف الواحد أن الحجامة طب إلهي علَّمه الله مباشرة لآدم ..!!!
ياسيد عبد المجيد: إن الثقافة الإسلامية الموروثة تعيد إنتاج نفسها، ولكن وضعت هذا الإنتاج بأدوات معاصرة مثل الأقراص المدمجة والقنوات الفضائية والكاسيت والطباعة الأنيقة، أما المحتوى فهو نفسه منذ 12 قرناً.
المطلوب – كما أرى – صياغة مشروع نهضوي معاصر مع وليس أو، وإيجاد تصور إسلامي جديد ونقد النسخة الإسلامية المعاصرة، ولايمكن القيام بهذه المهمة إلا بتبني نظم معرفية وأدوات معرفية جديدة. أي أننا بحاجة إلى قطيعة معرفية مع التراث مع الحفاظ على الاستمرارية التاريخية. نحن أمة موجودة الآن في الحاضر وتعيش في الماضي، حتى أصبحنا وقوداً لهذا الماضي نموت من أجله. وهل هناك كارثة أكبر من كارثة أن إنسان يقاتل ويَقتل ويُقتل دفاعاً عن جهله.

اسم السائل : عابر سبـيل

(( 2 – هل يوجد قصص محمدي ضمن القصص القرآني، علماً بأن القصص القرآني يحوي العبرة ولايحوي أي تشريع. فسورة يوسف فيها عبر ولايوجد فيها تشريعات. وبالتالي أحداث القصص المحمدي (بدر – أحد – الخندق – تبوك – فتح مكة) على غرار أحداث موسى وعيسى ويوسف هي أحداث وليست تشريعات، وبالتالي ليست جزءاً من الرسالة.)) ...


منذ كتابك الاول و انت تعتبر ان الذكر هو " الصيغة الصوتية " للقرآن .!!
فهل ما زلت عند رأيك ..!؟؟
ام تري الآن ان ما اسميته القصص المحمدي هو عينه ذكر محمد و من معه المذكور في الآية 24
من سورة الأنبياء ..!؟
وان ما اسميته القصص القرآني هو الذكر الذي تتحدث عنه آيات عديدة لعل اوضحها ..
الآية الاولي من سورة ص .!؟


كما انك طرحت في كتابك الاول نظرية حدودية للعقوبات الشرعية ...
بينما لم استدل علي دليل يشير الي ان الحدود هي العقوبات ...
بل ان عدم الترادف .. و آيات ( تلك حدود الله ) في سورة النساء و غيرها ...
تظهر بوضوح ان الحدود شيء و العقوبات الشرعية ( كعقوبة الزني مثلا ) شيء آخر .!!
فهل تدلنا كيف اعتبرت ان حدود الله هي العقوبات الشرعية ..!؟؟
تشكراتي و احتراماتي لفكرك الجميل


السيد عابر سبيل:

نعم يوجد قصص محمدي ضمن القصص القرآني، وهو مجموعة الأحداث التي حصلت مع رسول الله (ص) مثل الآيات التي نزلت بمناسبة غزوات: بدر، أحد، الخندق، تبوك، وفتح مكة، حنين. وعلى رأس هذه السور سورة التوبة بأكملها، حيث هي جزء من القصص المحمدي، لذا فهي لاتحتوي على تشريعات، وبالتالي أحكام شرعية ولكن فيها العبرة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) وشأنها شأن سورة يوسف وقصص موسى وعيسى وإبراهيم التي هي نص تاريخي وهي ليست منسوخة لأنه لايوجد فيها تشريعات، لأن النسخ للأحكام بين الرسالات.
فهل أخبرنا الله تعالى بقصص آدم وإبراهيم وموسى وكل الرسل السابقين، وترك قصص محمد (ص) للسيرة الحلبية ولإبن هشام؟؟ ألا يستحق رسول الله، وعليه نزل القرآن، أي جزء من القصص القرآني خاص به؟.
إن معنى الذكر في قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) أن الله تعالى حفظ الصيغة الصوتية المنطوقة للتنزيل الحكيم كله، لذلك فهو الصيغة التعبدية. أما قوله تعالى في أول سورة ص (ص والقرآن ذي الذكر) فهو أن القرآن تحول من اللوح المحفوظ والإمام المبين إلى صيغة منطوقة، وهي الصيغة التعبدية، أي نطق القرآن حتى ولم تفهم المعنى، بمعنى أنه إن نطقه تركي أو أندونيسي ولم يفهم ماذا ينطق فهو تعبد.
وأحد معاني الذكر، وقد شرحناه، هو التذكر ضد النسيان كقوله تعالى (وماأنسانيه إلا الشيطان أن أذكره).
أما في نظرية الحدود فإن الإسلام دين فطري فطر الله الناس عليه. وأما استنتاجي بأن العقوبات هي حد أعلى من قوله تعالى (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء من الله نكالا)، فما معنى التنكيل بالإنسان. وإن نظرت إلى العالم كله ترى أن هناك عقوبة إعدام للقاتل، وهناك من ألغى هذه العقوبة بعقوبات أقل، وهذا في كل أنحاء المعمورة، ونرى من يطالب بإلغاء عقوبة الإعدام إن وجدت، ومنهم من يطالب بإعادة عقوبة الإعدام إن ألغيت، وهذه هي عين الحنيفية. إن الذين تجاوزوا حدود الله في عقوبة الإعدام مثل ستالين وهتلر والحجاج بن يوسف، هم قلائل، وقد دخلوا التاريخ كسفاحين. وهذا يعطي المجال بأن يكون التشريع الإسلامي تشريع مدني إنساني ضمن حدود الله ويعطي المجال لأهمية البرلمانات. والعقوبات حد أعلى لأن الحد الأدنى هو أن تسامحه وتعفو عنه، ومابينهما ترى ملايين الاحتمالات الممكنة. وهنا تكمن خاتمية الرسالة المحمدية من حيث التشريع.... ولماذا فجأة أصبحت هي الخاتم ولا رسالة بعدها. أنظر بحث الاستقامة والحنيفية في كتابي (الكتاب والقرآن). لذا فلايوجد شيء اسمه عقوبات شرعية بل هي حدود الله في العقوبات وهي مانطلق عليه الآن أقصى العقوبات القانونية، لذا ففي قول الرسول (ص) إن صح (إ من يفعل كذا وكذا تقيم عليه حدود كتاب الله) نراه هنا يهدد بتنفيذ أقصى العقوبات الموجودة.
أما عقوبة الزنا وهي جلد 100 جلدة فهي عقوبة عينية حد أدنى وحد أعلى معاً، لذا اشترط أربع شهداء كحد أدنى لتنفيذها حيث جعلها صعبة جداً ولا يتعرض لها إلا أحمق.

الجزء الثالث


اسم السائل : متطرفة
سؤالي قد يكون تلقائيا او ربما تقليديا...
وهو عن أساسات الدكتور شحرور في اعتماد النص المقدس...
هل هي أساسات عقلية بحتة؟؟؟؟
وإن قلنا بنسبية العقل فعند أي حد سينتهي اعتماد النص المقدس مقدسا أو لا...
وإن كانت أساسات منهجية فعلام استندت ...هل استندت الى قضية المقاصد الكبرى في الإسلام والتي حددها الدكتور من آية قل إنما حرم ربي الفواحش....الآية...
أم إلى أساسات نقد المتن والتي ترجع بدورها الى مستند عقلي مقاصدي بحت؟؟؟؟
أم إلى أساسات الثبوت من عدمه ...؟؟والتي يرتكز العقل السلفي عليها عادة...

لدي أسئلة كثيرة لو أن وقت الدكتور شحرور يسمح ....
بارك الله فيكم جميعا...


الجواب على أسئلة متطرفة :

سأجيب باختصار على كل الأسئلة دفعة واحدة: لدينا المؤلف والنص والقارئ. ففي حالة التنزيل الحكيم نحن كمؤمنين نقول أن المؤلف هو الله، والنص هو التنزيل الحكيم مابين دفتي المصحف، والقارئ هو أهل القرن السابع وأهل القرن العاشر وأهل القرن العشرين. أي أن المؤلف هو الله الذي لايحول ولايزول، والنص محفوظ ثابت، أما المتحول فهو القارئ.
والقارئ نتاج الأمور التالية:
1 – النظام المعرفي والمتبع في القراءة والأرضية المعرفية لدى القارئ.
2 – الأرضية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمحيط ومجتمع القارئ.
3 – ذاتية القارئ، أي مانقول عنه بصمة القارئ.
هذا يعطينا لماذا هناك قراءات مختلفة للتنزيل، وهذا ماقلت عنه ثبات النص وحركة المحتوى. لذا قلت أنه هناك قراءة معاصرة.
وقريباً سيصدر لي كتيب صغير منفصل بعنوان (المنهج والمصطلحات) وضعت فيه منهجي في التعامل م التنزيل الحكيم مؤلف من 40 بنداً تحتوي المقاربة اللسانية والمعرفية والمصطلحات المستنتجة من هذه المقاربة، وستجد فيه جواب سؤالك مفصلاً، وسأعرضه بعد نشره في موقعي، فانظره هناك بعد عرضه.

اسم السائل : أماني
المفكر الدكتور محمد شحرور ، أهلا وسهلا بك هنا .

مارأيك فيما جاء في تفسير ابن كثير للآية الكريمة :

" نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ"

حيث تّم إيراد هذه المرويات :

مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق حَدَّثَنَا النَّضْر بْن شُمَيْل أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن عَنْ نَافِع قَالَ كَانَ اِبْن عُمَر إِذَا قَرَأَ الْقُرْآن لَمْ يَتَكَلَّم حَتَّى يَفْرُغ مِنْهُ فَأَخَذْت عَنْهُ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَكَان قَالَ : أَتَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟ قُلْت لَا قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ مَضَى .:

وَعَنْ عَبْد الصَّمَد قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ " قَالَ : أَنْ يَأْتِيهَا فِي ؟ : الاستفهام من عند ابن كثير وليس من عندي .

هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة حَدَّثَنَا اِبْن عَوْن عَنْ نَفَّاع قَالَ : قَرَأْت ذَات يَوْم " نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ" فَقَالَ اِبْن عُمَر أَتَدْرِي فِيمَ نَزَلَتْ ؟ قُلْت لَا قَالَ نَزَلَتْ فِي إِتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ .:

وَحَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَة حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ" قَالَ : فِي الدُّبُر .

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ : حَكَى لَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم أَنَّهُ سَمِعَ الشَّافِعِيّ يَقُول : مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَحْلِيله وَلَا تَحْرِيمه شَيْء وَالْقِيَاس أَنَّهُ حَلَال وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ أَبُو بَكْر الْخَطِيب عَنْ أَبِي سَعِيد الصَّيْرَفِيّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الْأَصَمّ سَمِعْت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو نَصْر الصَّبَّاغ .

وقال الطبري : ( حدثني يعقوب ، قال حدثنا هشيم ، قال أخبرنا ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرئ القـرآن لم يتكلم ، قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ } فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ) .
وهذه الرواية صحيحة سنداً فرواتها كلهم من الثقاة ، أما يعقوب فهو : ( الحافظ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن كـثير الدورقي البغدادي ) اتفق الستة – البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه – على إخراج حديثه ، وقال عنه أبو حاتم : (صدوق) ، وقال النسائي : ( ثقة ) ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الخطيب : ( كان ثقة متقناً صنّف المسند ) ، وقال مسلمـة : ( كان كثير الحديث ثقة ) ، وأما هشيم فهو ( هشيم بن بشر بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية ) وهو من الثقاة الأثبات عند أهل السنة وممن اتفق الستة على إخراج حديثه ، وابن عون هو ( عبد الله بن عون بن أرطبان المزني الخزاز البصري ) وهو كسابقه من الثقاة الأثبات عندهم ، وممن اتفق الستة على إخراج حديثه ، أما نافع فهو مولى ابن عمر وقد وصفوه بأنّه ثقة ثبت فقيه وهو كالذين سبقوه ممن اتفق أصحاب الصحاح الستة على إخراج حديثه .

ولكم تحياتي


إلى الأخت أماني:

قال تعالى (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة 223)
أشكرك ياأخت أماني على هذا السؤال، فهذا موضوع محير خاض فيه الكثير من الناس سابقاً ولاحقاً. وإن أردنا أن نفهم هذه الآية فهماً موضوعياً صادقاً نراه في الواقع الموضوعي، وفي كل أنحاء العالم، فأرى أن أتبع الخطوات التالية:
1 – الآية التي سبقت هذه الآية في سورة البقرة هي (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ( البقرة222) ثم تلتها مباشرة هذه الآية. ففي الآية الأولى حدد تعالى بشكل لالبس فيه الزمان المكان بالنسبة للعلاقة الجنسية:
آ – الزمان (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) .
ب – المكان (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ) فأين أمرنا الله أن نأتي النساء؟ الأمر جاء في قوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) فمن أين تحيض المرأة؟ من الفم، أم الأذن، أم الفرج، أم الدبر؟
إذاً هناك أمر بحاجة للتفكر والتدبر ماذا أراد سبحانه أن يقول لنا في قوله (نساؤكم حرث لكم)، والمشكلة هنا في معنى (نساؤكم) وفي معنى (الحرث).
النساء: لها معنيان: إما جمع إمرأة، وإما جمع نسيء، وهو التأخير أي مااستجد من أشياء. وقد وردت في التنزيل الحكيم النساء والحرث في آية واحدة في سورة آل عمران وهي: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (آل عمران 14) فإذا كانت النساء هنا جمع امرأة، فلماذا زينها للناس وليس للرجال فقط (زين للناس)؟ وإن كانت جمع امرأة فقد وضعها مع الأشياء الذهب والفضة والأنعام والتي هي الخيل والبغال والحمير والغنم والبقر والإبل والماعز، ثم قال الحرث، فإن كان الحرث هو الجنس، فلماذا قال النساء؟.
في هذه الآية لتكون صادقة على الواقع في العالم أرى مايلي:
النساء جمع نسيء، وهو مااستجد من الأشياء ومن التشريعات. والنساء سميت نساء لأنها تأخرت في الخلق، أي أن الله خلق الذكورة والأنوثة معاً، ثم فصل الأنوثة لوحدها. فالنساء جاؤوا بالخلق متأخرات (نسيء). وفي هذا المعنى قد يكونوا ذكوراً تأخروا في الإمكانيات ورجاحة العقل عن الإناث. في هذه الحالة هم نساء عمن تقدم عليهم لذا قال (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) هنا النساء هي ذكوراً وإناثاً، والرجال من تقدم من ذكور وإناث.
وسورة النساء سميت بهذا الإسم، لأن التشريعات الواردة فيها تأخرت حتى بعثة رسول الله (ص) أي لم تأت إلى رسول قبل محمد (ص) فأخّرها تعالى حتى بعثة محمد (ص).
وكذلك في الآية 31 من سورة النور عن إبداء الزينة (أو نسائهن) أي ماتلى وتأخر عن المذكور أعلاه من الذكور، أي ابن الإبن وإبن ابن البنت.. وهكذا دواليك، وهنا لاتعني الإناث إطلاقاً.
ثم نأتي إلى معنى (الحرث) فالحرث لاعلاقة له بالجنس، وإنما الكسب، وسُميَّ الذكر حارث لأنه يكسب لذا قال (من كان يريد حرث الدنيا). وأول ابن من أبناء عبد المطلب اسمه الحارث، والحرث هو الغلة الزراعية، وليس الأرض إطلاقاً (إنها بقرة تثير الأرض ولاتسقي الحرث) و (يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم) فالفلاح يذهب ليسقي القمح أو الفول أو التفاح، وقوله تعالى (أن اغدوا على حرثكم) (القلم 22)، فهل حرث الدنيا وحرث الآخرة هو العلاقة الجنسية. إن كل ماورد من آيات في التنزيل الحكيم فيها كلمة الحرث لاعلاقة لها بالجنس إطلاقاً. لذا فإن معنى (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) هي:
نساؤكم: جمع نسيء أي مااستجد من الأشياء، فالتلفون والجوال والتلفزيون والسيارة وكل مايستجد من أشياء من زمن التنزيل إلى أن تقوم الساعة هي مكاسب لنا، ولنا الحق في استعمالها كيف ومتى شئنا (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). وبما أن هذه الأشياء فيها جانب مفيد وجانب ضار قال (وَاتَّقُوا اللَّهَ.. إلى آخر الآية) لذا فإن أي سؤال عن كل مستجد هو سؤال سخيف. فعندما ظهر التلفزيون – وهو شيء مستجد – سئل السادة العلماء الأفاضل: هل التلفزيون حلال أم حرام؟ إنه من النساء وهو حرث لنا ونستعمله كيف ومتى نشاء، ولكن علينا أن نتقي الله في استعماله لأوجه الخير... وهكذا دواليك.

اسم السائل : المتمردة
مرحبا بك دكتور شحرور وسعداء بوجودك بيننا

حسب ما هو موجود في التراث الديني من كثير من الفئات ، أن الرجل إذا كان من أهل الجنة و زوجته في الدنيا من أهل الجنة أيضاً فإنها تكون له ، و لو كانت قد تزوجت من بعد وفاته فإنها تخيّر .
أ لا ترى في هذا القول تمييزاً حتى في نعيم الجنة ؟ و إعلاء للرجل على حساب المرأة ؟

- في التفاسير المتعارف عليها لم يُشرح معنى الكرسي في قوله تعالى : { و سع كرسيّه السماوات و الأرض } بشكل واضح ، و عليه ثبت في عقول الناس أن هناك كرسي للعرش و أن الله سبحانه و تعالى يعتليه . هل من الممكن توضيح ماهية كرسي العرش و المقصود به ؟

- أمور الجنس تلعب هاجساً كبيراً لدى الكثيرين ، و حدود الممارس له تأخذ أشكالاً بين فئات الدين و المجتمعات في العالم العربي : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنّى شئتم } ما هي حدود الحرث في هذه الممارسة ؟

- ما هو المحظور و الممنوع في الدين و لا يجوز النظر فيه ؟ و ما هي مقومات المتعامل مع هذه الأمور ؟ بمعنى هل هناك مقومات معينة لا بد أن تتوافر فيه ؟

- العالم كله أمة الدعوة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه و سلم ، و نحن المسلمون أمة الإجابة – على حد قول بعض المفسرين – ألا ترى أن هذا الأمر كان ذريعة لتكون هناك فئة نصّبت نفسها أمة الوصاية ؟

خالص تحياتي وتقديري


إلى الأخت المتمردة:

1 – مايقوله التراث أن الرجل في الجنة فإن زوجته في الجنة هي له، هو محض هراء للأمور التالية:
آ – إن مجتمع الجنة مجتمع إباحي بحت لايوجد فيه شيء اسمه حرام أو ممنوع.
ب – المحرمات في الجنة غير موجودة أصلاً، حتى الشعور بالحرام غير موجود، ونعرف هذا من قوله تعالى (ونزعنا ما في قلوبهم من غل).
ج – الحور العين هم ذكور وإناث، فالذكور لهم حور عين من الإناث ماشاؤوا، والإناث لهم حور عين من الذكور ماشئن.
د – في الجنة لايوجد عقود نكاح وقانون الزوجية الطبيعي هو الذي يعمل، فالذكر زوج الأنثى في الوجود، لافي العقود. والزوج كلمة ليس لها مؤنث. فالذكر زوج الأنثى، والأنثى زوج الذكر، لذا قال عن أهل الجنة (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) (يس56) هم ذكور وإناث، وأزواجهم ذكور وإناث.
هـ - كل إيجابيات الجنس موجودة في الجنة، وكل سلبياته غير موجودة، فإيجابيات الجنس للذكر والأنثى هي اللذة والمتعة موجودة، ولكنها تحتاج إلى حيوية لذا قال تعالى (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان)، ومن سلبياته الدورة الشهرية، والحمل والولادة والوضع، فهذه لاوجود لها، هناك متعة ولذة دائمة للذكور والإناث بدون أن يصيبهم أي تعب أو ملل. لكن السادة العلماء الأفاضل أسقطوا المجتمع الذكوري على الجنة أيضاً.
2 – العرش والكرسي هي من الألفاظ المتشابهات وردت في التنزيل الحكيم. فالعرش جاء من الأمر. فنقول أن الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود اعتلى عرش المُلْك في السعودية العام الماضي، أي أصبح الآمر والناهي في المملكة، أي على هرم السلطة. والعرش لاتعني المكان العالي كما يتوهم البعض. يقولون عرش المرأة بيتها، أي أنها الآمرة الناهية في البيت.
قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (الفرقان 59) أي استقر واستحكم أمره ونهيه على السموات والأرض وقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) والرحمن اسم الربوبية وهو من أفعال الأضداد لأنه على وزن فعلان (موتان/ حيوان – رويان/ عطشان – رحمن/شيطان) وهذا الإسم يقوم على ثنائية الأضداد والأزواج، لذا فإن سورة الرحمن كلها ثنائيات. والعرش هو الأمر والنهي والإستواء هو السيطرة والإحكام، ألم تقرأي قوله تعالى (حتى إذا استويتم على ظهوره) .
هذا فيما يتعلق بالعرش. ولكن هل يمكن أن يأمر وينهى إلا إذا علم على ماذا يأمر وينهى، ويعلم على ماذا استوى؟ هنا جاء الكرسي. قالت العرب: العلماء كراريس. فالكرسي هو علم الله الكامل الشامل على كل شيء. والكرسي لاعلاقة له باللوح المحفوظ والإمام المبين، لأنهما أجزاء من الكرسي الذي هو أعم من ذلك، حيث هو علم الله الكلي، لذا يأتي بالمرتبة فوق العرش وهذه المرتبة ليست مكانية أي :
الكرسي هو كمال المعرفة .
العــرش الأمر والنهي .
الاستواء الاستحكام والسيطرة الكاملة.

لقد شرحت معنى (نساؤكم حرث لكم) في سؤال سابق على هذه السؤال، فانظريه.
- أما الجنس في التنزيل الحكيم فله نوعان: حلال وحرام، الحلال له نوعان ايضاً: الزواج، وملك اليمين، وكلاهما علاقة جنسية حلال بين ذكر وأنثى . ولاأدري لماذا يتكلمون عن الزواج، ولايتكلمون عن ملك اليمين، وكأن ملك اليمين لاوجود له. فالرق هو مفهوم تاريخي لملك اليمين، لكنه (أي ملك اليمين) بأشكاله المختلفة موجود إلى يومنا هذا، وهو ليس زواجاً ولكنه حلال. والجنس الحرام هو الزنا والبغاء والسفاح.
- لايوجد شيء في الدين لايمكن النظر فيه، ولكن الإسلام يقوم على شيء واحد هو مسلّمة، ومنه جاء الإسلام: من المسلمات، لامن التسليم. فالإيمان بالله واليوم الآخر هي مسلمة بالنسبة لنا، والمسلمة هي الأمر الذي لايمكن إثباته علمياً ولايمكن دحضه علمياً، وبما أن ذلك كذلك، فالإيمان بالله اختيار إنساني بحت، يتساوى فيه آينشتاين وبائع الفول.
أما في الإيمان بالرسالة المحمدية فهو موقف تصديقي، أي أنني أسلّم بوحدانية الله واليوم الآخر، وأصدق أن محمداً رسول الله .
أما المقومات التي يجب أن تتوفر فيمن ينظر في أمور الدين فهو العقل النقدي، وماأندره عندنا وخاصة عند السادة العلماء الأفاضل.
- تقسيم العالم إلى أمة دعوة وأمة إجابة هو كتقسيم العالم إلى دار كفر ودار إسلام، وهو تقسيم حدث سابقاً عندما كانت الدولة قوية. فلا تعيري هذا التقسيم أي اهتمام الآن.

اسم السائل : Araby
سؤالي للمفكر الرائع الدكتور محمد شحرور :


هل يعتقد الدكتور محمد شحرور أن الآيات التي تتحدث وتحض على حب الرسول تختص بعصر الرسالة فقط فالبعض يقول أن أن علاقة الحب والمودة لا تنشأ إلا بين أشخاص عاشوا مع بعضهم البعض وكان بينهم تواصل في حين أن علاقة الإنسان مع الشخص الذي لم يره ويسمعه تكون في أحسن الأحوال هي علاقة تقدير واحترام إعجاب. تماما كما هي علاقتنا بصلاح الدين الأيوبي مثلا أو بالبطل يوسف العظمة لكن عندما تتحول العلاقة بين الإنسان الحي وبين الغائب والميت الذي لم يره و يسمعه إلى علاقة محبة ومودة مثل علاقة بعض المسيحيين بالمسيح وبعض المسلمين بالحسين فإنها تكون علاقة غير سوية من الناحية النفسية وربما تكون محاولة داخل هذا الإنسان للتعويض عن التقدير والاحترام الذي لا يلقاه من الآخرين فيتخيل أن هناك أشخاص عظماء يحبوه ويقدروه فيلجأ إليهم


إلى السيد Araby :

هذا سؤال مهم، فالإنسان يحب من عاش معه وشاهده وتحدث معه وعاشره، وهذا هو وضع من عاش مع محمد (ص). ففي سورة التوبة التي تتحدث عن أحداث عاشها الرسول (ص) مع صحابته وهي من القصص القرآني. يقول تعالى (آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله) هذا الكلام موجه لهم لا لنا، لأنه طلب منهم أن يجاهدوا مع الرسول (ص) وهذا لايمكن أن يكون إلا في حياته. وأنا أتمنى أن أكون مع الرسول (ص) لكي أحبه وأجاهد معه، ولكنني لاأتمنى أن أكون معه جالساً تحت قدميه، ولا أتمنى أن أكون معه حيث أتمسح بنخامته عندما ينف، وببصاقه عندما يتف. ولو أنني فعلت هذا وهو سمح بذلك. فإني بهذه الحالة أشك بأنه رسول. فالرسول لايقبل أبداً أن تحط الناس من قدرها واحترامها لنفسها أمامه. أما حبنا للرسول (ص) الآن، وطريقة تعبيرنا عن حبنا، قد وضعناه في مصاف الآلهة، حتى اننا أعطيناه الحق بأن يلغي وينسخ كتاب الله، ووضعناه هنا بمرتبة مساوية لله سبحانه، علماً بأن الكرة الأرضية في هذه المجرة وبقية المجرات لاتعادل حبة رمل واحدة في الصحراء. والله رب المجرات كلها، وهناك أناس على الأرض ولدوا وعاشوا وماتوا ولم يسمعوا بمحمد (ص). فكيف نضع اسمه ونقول أنه مكتوب على عرش الرحمن، وهل عرش الرحمن مجسم، وهل كتب بالعربي أم بلغة أخرى؟
خفضنا من قدر رب العالمين حتى نرفع من قدر محمد (ص) سبحان الله عما يصفون. فكثير من المؤمنين في وضع مع الرسول أسوأ من وضع المسيحيين مع المسيح. فالمسيحيون قالوا أنه ابن الله، ونحن لسان حالنا يضع محمداً (ص) شريكاً لله دون أن نعلن ذلك. وهذا أسوأ من وضع المسيحيين مع المسيح. والعلماء الأفاضل يدافعون عن ذلك ويشجعونه من أجل أنفسهم ويرددون أن (العلماء ورثة الأنبياء) ومن هذا المنطلق يطلبون من الناس تعظيمهم، لالشيء، لأنهم ورثة النبي، وقد جعلوا من النبي ومن كتب الحديث سيفاً مسلطاً على رأس كل فكر حر إبداعي وعلى كل عقل نقدي يحاول أن يقول: كيف، ولماذا.

اسم السائل : أحد الزوار

من المهم أن نعي أن الإنسان حيث يضع نفسه ..

ما رأي الدكتور حينما تكتب امرأة كلاما تصف فيه شبقها وشدة شهوتها وتضع صورا لنهديها طبعا بالجمل , ثم تجعل تتأوه على الملأ , أترى هذا من الحرية الفكرية في شيء ؟؟


إلى أحد الزوار :

كلامك صحيح أن الإنسان حيث يضع نفسه. ففي كل مجتمع هناك من يقتل النفس عمداً، وهناك من يشهد الزور، وهناك من يأكل مال اليتيم، وغيرها من المحرمات الثلاث عشرة، وكلها أشنع من هذه المرأة التي تقول أنها وصفت نفسها، وهذه لها وصف في التنزيل الحكيم وهو (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور19). إنني أوجه لك ملاحظة وهي: لماذا ركزت على هذه المرأة، ولم تركز على الآلاف ممن يشهدون الزور ويغشون الكيل والميزان، ويرتكبون باقي المحرمات؟ هل لأنها إمرأة فقط؟ علماً بأن ماقامت به يحق لها القيام به مع زوجها، ولكن هي أشاعته. وهو ليس من الحرية الفكرية بشيء.

اسم السائل : قادمون
يقول شحرور بيك

إن مفهوم كلام الله في القرآن يعني الوجود المادي فالوجود هو عين كلام الله ، وهو مخلوق غير قديم وهذا يعنى عند شحرور ، أن كلام الله مخلوق ، ويدخل كلامه هذا ضمن تعطيل صفات الله تعالى ، وهو رأي القدرية والمعتزلة .

ادعو لك بالهداية


إلى السيد قادمون الذي يسأل (يقول شحرور بيك):

أولاً إني لنفسي ولك بالهداية، لذا فإني أريد أن أصحح لك مايلي:
كلام الله هو الذي يُسمع ويُنطق (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) وكلام الله المباشر في التنزيل الحكيم لايتجاوز عدة صفحات، وهي التي ينطبق عليها قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) وهو الذي أطلق عليه (أو من وراء حجاب) مثال قوله تعالى (فلما أتاها نودي ياموسى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) هذه الآية هناك طرفان: الأول هو الله سبحانه، والثاني هو موسى بدون طرف ثالث وسيط. وهناك كلام الله غير المباشر الذي نقل عن طريق طرف ثالث وهو جبريل (ع) وهو معظم آيات التنزيل الحكيم كقوله تعالى (قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم) وقوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) .
والكلام الذي يُسمع (حتى يسمع كلام الله) هو أصوات (نودي ياموسى). لذا فالذكر كما قلتُ في جواب لسؤال سابق هو الصيغة الصوتية المنطوقة للتنزيل الحكيم كله، ولايمكن إلا أن تكون محدثة، لذا قال تعالى بصراحة تامة (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (الأنبياء2). فالكلام مفرده كلمة وهو الذي يُنطق ويُلفظ كقوله تعالى (كبرت كلمة تخرج من أفواههم). وهناك كلمة تجمع على كلمات، والوجود كله هو كلمات الله، وليس كلام الله. وهناك فرق بين الكلمات والكلام لاعلاقة له بالمعتزلة ولا بالقدرية.
فكاتب هذه السطور هو كلمة من الله، والشمس كلمة، والقمر كلمة، وكل الموجودات وقوانينها هي كلمات الله وهي وجود موضوعي خارج الوعي الإنساني، لذا قال تعالى (يحق الله الحق بكلماته) والحق ضده الباطل، والباطل هو الوهم لاالخطأ. لأن الخطأ والصواب لايكون إلا في الحق (الوجود الموضوعي) .
وللدلالة أيضاً على أن مفرد كلمات هي كلمة قوله عن المسيح (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) النساء 171، فهل المسيح أزلي؟ وإن علمنا أن طائرة الجامبو تتألف من 120 ألف بند، وكل بند له مفردة خاصة به، وخاصية خاصة به، فما بالك بالكون كله بمجراته؟ فما هي مفرداته؟ وإذا اردنا أن نصنف هذه المفردات في مجلدات لينطبق عليها قوله تعالى (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) هنا نعلم تماماً مامعنى الكلمات، ونقول: صدق الله العظيم. فعن أي صفات تتكلم ياسيدي.
ثم هناك علم الله وهو علم تجريدي رياضي بحت لقوله تعالى (وأحصى كل شيء عددا) والرياضيات مجردة ليست عربية ولا إنكليزية ولاتركية ولا غير ذلك.

[color=blueاسم السائل : بواسطة عبدالله القرني
اتمنى ان لايفوت الاخوة في هذا المنتدى المفكر التونسي العظيم د. هشان جعيط مؤلف كتاب ( تاريخية الدعوة المحمدية )

والذي يقول فيه بنقصان القرآن الكريم
ويقول ان الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه ليس محمد

بل اسمه ( قثم )

ويقول انه استخدم ادق المناهج العلمية..........

رد على مداخلة عبد الله القرني:

إن كتاب المفكر التونسي العظيم د. هشام جعيط (تاريخية الدعوة المحمدية) يوضح كثيراً من المعلومات، ولكن أتفق معه على أن التاريخية هي للدولة التي تم إنشاؤها بعد وفاة الرسول مباشرة. وهذه النقطة بالذات هي الفكرة في كتابي الجديد (الدولة والرسالة. أما حياة الرسول منذ بداية الوحي حتى وفاته فلها معنى آخر تماماً سيتم شرحه.
أما نقصان القرآن الكريم، فأين هو الجزء الناقص؟ وإن كان موجوداً، فأعطونا إياه لنقيّمه وندرسه. ونحن ننتظر حتى يتم إظهار هذا النقصان.
وإني أضيف إلى ماقاله جعيط ماقرأته أن اسم محمد بالأصل هو ( مُعَمّـد) ثم قلبت العين حاء لأنه تعمد في الكنيسة بعد ولادته وأصبح نصرانياً فسمي مُعمداً كما يقولون. هذه الأمور لاتقدم ولاتؤخر. وأنا أحيل القراء إلى كتاب (قس ونبي) للمدعو أبو موسى الحريري. هذه الكتب يجب ألا تخيف أحداً .

اسم السائل : مساحة حرة
بما أنك قرأني التوجه سعادة الدكتور هل لك بأن ثبت لنا عدم تحريف القرآن كما حصل في الكتب السماوية التي قبله؟

هناك قول يؤكد أن الإلحاد من تمام الإيمان ما رأيك به وكيف تنفيه أو تثبته؟

كيف تصنف التفاسير المتعددة للقرآن وهل تراه كتاب أضاف لمتبعيه أم قيدهم وأنتقص من قدرهم؟

قرأت لك تفسيرا للعبودية ولكن هل أنت مقتنع أن الإنسان ( الحيوان الناطق ) يكون حرا في اختياره لعقيدته تحت ظل الوعيد بالنار والسعير إذا لم يؤمن بالله ومحمد ؟

ما هي الروح وكيف تكون حق داخل مجتمع لا يؤمن إلا بالمحسوس وربهم غائب لم يروه؟


خالص التحايا


رد على أسئلة مساحة حرة:

إثبات عدم تحريف القرآن هو للتاريخ فقط، ولكن الإنسان لايحتاج إلى جهد كبير وعقل راجح وعبقرية حتى يكتشف أن معظم محتويات كتب الحديث هي مجموعة من الفبركات الإنسانية لامعنى لها، وبعضها لايتطابق مع الحقيقة، مثل أن آدم طوله ستون ذراعاً، ومثل أحداث المعراج، ولكن منذ 40 عاماً وأنا أدرس التنزيل بعقل نقدي، لابعقل استسلامي.
أما الإلحاد، فإن كان بمعنى إنكار مسلّمة الإيمان بالله واليوم الآخر، فأريد أن أؤكد أن الإلحاد يثبت وجود الإيمان، وإن الإيمان بالله واليوم الآخر يقوم على مسلّمة، والمسلّمة هي التي لايمكن إثباتها علمياً، ولايمكن دحضها علمياًً، لذا فهي خيار إنساني بحت. ووجود (الإلحاد والإيمان) بالنسبة للتنزيل هو مصطلح (المسلمون – المجرمون) هو ثنائية متساوية تماماً، لأنه لو رجحت إحداهما على الأخرى بمقدار 1% لأصبح الإيمان بالثانية لامعنى له. فمن الخطأ أن يقال أن الإيمان موقف علمي، كما أنه خطأ أن يقال أن الإلحاد موقف علمي. وهذا الخيار بين الإثنين هو رأس عبادية الناس لله، أي يقبلون به ويطيعونه بملء إرادتهم، ويرفضونه ويعصونه بحرية اختيارهم. وأن الإيمان بالله ليس بالضرورة أن يكون بنفس التصور الذي نفهمه عنه. فكل إنسان له تصور عن الله مختلف عن الآخر. وعندما يهدد الله الناس يقول (ذلكم يخوف الله به عباده) ففهمها محي الدين ابن عربي أنها من باب التخويف فقط، حتى أنه قال أن العذاب من العذوبة.
أما الروح فهي الجانب الذاتي في الإنسان، ولايمكن إلا أن تكون موجودة. فمثلاً أنت ترى إنساناً يصلي، ولكن لاترى الصلاة، وترى إنساناً يصوم ولكن لاترى الصوم، وترى إنساناً باراً بوالديه ولكن لاترى بر الوالدين. وترى إنساناً يجب إنساناً آخر ولكن لاترى الحب. فهذه هي الروح. وأنت عندما تقرأ نصاً في كتاب، فأنت مادياً ترى وتلمس الورق والحبر ولكن المعاني الموجودة في الأحرف هي الروح. والتشريع والمعرفة والأخلاق والشعائر هي تعبير عن الروح، وليست الروح كما يقولون هي سر الحياة. فالإنسان له روح، ولكن الحيوانات ليس لها روح. والروح خالدة لأن المعرفة والتشريع هي من صفات الإنسان مادام موجوداً على الأرض. إن الروح موجودة ولكنك لاتراها في ذاتها، لأنك لو رأيتها في ذاتها لأصبحت موضوعية، ولكنها ذاتية بحتة لأنها نقلت الإنسان من المملكة الحيوانية إلى الأنسنة.

اسم السائل : زائر

كيف يواجه المفكر الإسلامي فكرة أن الإسلام ليس بدين مستقل بل هو امتداد من الديانة اليهودية وخاصة و أن القرآن الكريم يحمل كلمات من اللغة العبرية ؟
المسلمين يقتلون المرتد ؛ كيف توازنون بين قتل المرتد و ديموقراطية الإسلام وخاصة فيما يخص الحرية الدينية؟
ما الغرض من التشكيك في تفاسير القرآن الكريم المتعارف عليها ؟

وهل يمكن أن يكون الدين متغير وتظهر لنا مفاهيم جديدة تغير من قناعاتنا بالعلماء الأفاضل؟


الأخ زائر

إن الإسلام دين مُثُلٍ وشرائع وشعائر، وهو دين بدأ بنوح وختم بمحمد. وقد خضعت المُثُل للتراكم والتشريع للتطور، والشرائع للإختلاف. أما قولنا ماالعلاقة بين الرسالة المحمدية (الإسلام بشكل عام والآن) هذا هو بند الرسالة. أما المجتمع الذي بناه الرسول (ص) والدولة ماعلاقتها بالآن. هذا بحث أدرسه منذ سنوات وسيصدر في كتابي الجديد.

بالنسبة للردة التي يوجد فيها قتل وقتال فهي الردة السياسية، لأن الحرب الأهلية الأمريكية التي قتل فيها أكثر من مليون أمريكي، فهي عند لنكولن ردة سياسية، وليس لها علاقة بالمثل والشعائر والشرائع. أما بالنسبة للردة عن الإسلام كدين، فلاعلاقة لأحد بذلك. اختر العقيدة التي تشاء والملة التي تشاء. وقد استعمل هذا المصطلح سياسياً لقتل وتصفية المعارضة السياسية والمعارضة الدينية والفكر الحر لما يسمى جمهور العلماء.

الإسلام هو مابين دفتي المصحف، وهو ليس بتراث. والأسلمة هي عملية تفاعل الناس مع التنزيل الحكيم وهي عملية تاريخية بما في ذلك التفاسير. وقد قلنا أن التشريعات حدودية، وبالتالي حنيفية.والمتشابهات تحمل ثبات النص وحركة المحتوى.

اسم السائل : سيف الاسلام

في السير للذهبي : أن محمد بن الخليفة الواثق يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل أحداً أحضرنا، وفي ذات يومٍ أتي بشيخ مخضوبٍ مقيد، فأدخل على الواثق ، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك مؤدبك، إن الله يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]^ فقال ابن أبي دؤاد أحد زعماء الفتنة: الرجل متكلم، فقال الواثق : كلمه.

فقال: يا شيخ! ما تقول في القرآن؟ فقال الشيخ: لم ينصفني أيها الأمير والسؤال لي..

فقال: سل. قال: ما تقول يا ابن أبي دؤاد في القرآن؟ قال ابن أبي دؤاد : مخلوق، قال الشيخ: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر و عمر والخلفاء الراشدون، أم شيء لم يعلموه؟ فقال ابن أبي دؤاد : بل شيء لم يعلموه، فقال الشيخ: سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، علمته أنت! فخجل ابن أبي دؤاد ، وقال: أقلني، قال الشيخ: المسألة بحالها، علموه أم لم يعلموه؟ فقال: بل علموه، فقال الشيخ: علموه ولم يدعوا الناس إليه؟ قال: نعم، قال الشيخ: أفلا وسعك ما وسعهم.

___________

هل جهل الأسلاف - من الصحابة و التابعين و من يعدهم من العلماء - القرآن و تفسيره ليكون عندك علمه


تعليق على تعليق سيف الإسلام:

إذا سألني الآن الواثق: ألا يسعك ماوسع الصحابة في فهم القرآن؟ أقول: كلا لايسعني. وهناك جمعية إعجاز القرآن والسنة، ولو وسعهم ماوسع الصحابة لألغوا الجمعية ولم يعقدوا المؤتمرات. ولاتنسى أن الأرضية الفلسفية والمعرفية لفقهاء المسلمين هي أكثر من هزيلة، لأنهم لايصمدون أمام العقل النقدي خمس دقائق، وسيفُهم المسلط (البخاري ومسلم والصحابة)على رأس كل عقل حر إبداعي .

اسم السائل: رجل من اقصى المدينة
التمسك بالكتاب والسنة هما اعظم وصايا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كتاب الله وسنته
وقال عليه الصلاة والسلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ... الحديث

والاستخفاف باراء الصحابة والائمة من بعدهم بحجة انهم رجال ونحن رجال وان لكل زمان فقهائه هذا مرفووووض لامن دكتور ولا عالم ولا حاكم نعم هم ليسو بمعصومين ولكن يبقى لمنبع علمهم قدرا واحتراما ..

السبب الرئيس في تخلف الامة ليس بسبب الدين كما يتوهم الجهلة من الناس بل بسبب اهمال الدين ووضعه على الرفوف كما وضعنا القرآن ولهثنا وراء الحظارات الزائفة والشكليات الخالية من المبادئ الركيزة في بناء الانسان ..

الاسلام منذ وعينا على الدنيا ونحن نعلم انه يشجع كل رقي في هذه الحياه يسمو وينسجم مع العقل والروح .. ومن صب جام غضبه على الواقع لابد ان يقوده نحو الاصلاح الحقيقي

ان نغير مابي أنفسنا من تكاسل وبحث وراء المبررات في تخلفنا بكسل آخر وهو النقد بلا عمل


تعليق على تعليق (رجل من أقصى المدينة):

لقد وضع الفقهاء أسس الفقه وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس. ونحن نسأل ماهي هذه التعاريف؟ هناك حكمة تقول (حددوا مصطلحاتكم تستقم أموركم)، فما هو الكتاب وماهو التشريع؟ فيه هدى أم حدودي؟ وماهو تعريف السنة، هل هي سنة رسولية أم سنة نبوية؟ وهل الطاعة للرسول أم للنبي؟ وماهو القياس؟ وماهو الإجماع؟ فالقراءة المعاصرة سلكت منهجاً معرفياً مغايراً للمناهج السابقة، وأعادت هذه التعاريف، ورفضت التعاريف الموضوعة من قبل الفقهاء، وهم ناس ونحن ناس. وسبب انهيار هذه الأمة أنها تقرأ الكتاب بعيون الشافعي وابن كثير والقرطبي وابن عباس وسنة الخلفاء الراشدين وهل يعلم النبي الغيب أم لا.
أنا أرفض أن أقف تحت أقدامهم، صحابة كانوا أم تابعين، راشدين أم غير راشدين. ودخولي إلى الجنة أو النار لاعلاقة له بهم. وإني أحتج على مايلي:
ففي القرن السابع الميلادي إبان البعثة المحمدية كان هناك مجموعة من الناس وقفوا مع الرسول (ص) ونصروه وعززوه، ونحن نجلهم ونقدرهم، ولكن إن تحول هؤلاء الناس في القرن العشرين من ناس عاشوا مع الرسول (ص) إلى أصنام، فتحول أبو بكر إلى صنم اسمه أبو بكر، وعمر إلى صنم اسمه عمر، فهذا مرفوض تماماً. ومن صفات الإسلام هو تحطيم الأصنام. فعلينا أن نحطم أبو بكر الصنم وعمر الصنم وعثمان الصنم وعلي الصنم، لنحولهم إلى الإنسان أبو بكر والإنسان عمر والإنسان عثمان والإنسان علي. وعلينا أن لانعيش تحت أقدامهم .
وإذا قرأتم كتاب الرسالة للشافعي، فهو دائماً يقول ( حدثني بعض من أثق في كلامه) ولم يعترض عليه أحد، ويقول (ذكر أهل المغازي أن النبي قال لاوصية لوارث) وأهل المغازي ياسادة هم الحكواتية الذين يروون القصص والأساطير، فهنيئاً لكم بهذا الإمام.
وأسأل هنا : هل تقبلون مني أن أقول في مؤلفاتي: حدثني بعض من أثق بكلامه، ثم أجعل من كلامهم هذا مسلمات وأبني عليها فقه ؟؟؟! أجيبوني .

اسم السائل : الواثق
الأستاذ محمد شحرور

1- هل أنت الذي قلت إن حجاب المرأة الواجب عليها هو تغطية فرجها ونهديها ؟

2- أنت تقول إنك لا تقبل أن تجلس عند أقدام ابن عباس ( ترجمان القرآن ) والشافعي ، والحقيقة أنك لا تقبل أن تأخذ الدين عن الرسول ورددت السنة هل يصح عنك هذا ؟

3- يقول السلف : مهما تلاعبت بشيء فلا تلاعبن بأمر دينك ، أعتقد مع بالغ احترامي لك ، أن ما تمارسه هو تلاعب بالدين وتأويل باطني وانحراف منهجي وعلمنة للدين باسم الدين ، لتفريغه من محتواه ؟


إلى السيد الواثق :

في حجاب المرأة نحن نتحدث عن شريعة حدودية لاحدية، وشريعة الحدود فيها حد أدنى وحد أعلى . فآية النور 31 أعطت الحد الأدنى للباس المرأة، وهو مانقول عنه اللباس الداخلي. وجاءت آية الأحزالاب 59 لتعطي مفهوم اللباس الخارجي. وزينة المرأة ليست المكياج ولا الحلي، وإنما هو جسدها، والزينة جيوب ظاهرة (العينين – الفم – الأنف – الأذنين) وهذه تظهر دائماً بالخلق، وهو هوية الإنسان من رجل أو امرأة.
ولباس المرأة الخارجي حسب الأعراف بحيث لاتعرض نفسها للأذى، أي أن المؤمنة تلبس في باريس غير الذي تلبسه في مكة. وإن فعلت ذلك فحسناً فعلت. وإني أحيلك إلى بحث حجاب المرأة حيث ذكرته بشكل مفصل في كتابي (نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي – فقه المرأة) .
وأنوه بأن مصطلحات (الشرف – المروءة – الشهامة – العرض) لاوجود لها في التنزيل الحكيم مع أنها عربية فصيحة ومسيطرة على حياتنا كعرب، لأن مفهوم الشرف عند الألماني تختلف عند العربي وكذلك عند الياباني، فكيف يمكن أن يكون الإسلام ديناً عالمياً، ومفهوم الشرف عند العرب مختلف عنه عند اليابان؟. ولذلك فهناك عرض عند الرجل العربي ، ولكن المرأة العربية ليس لها عرض، فكيف يمكن إسقاط هذا المفهوم القبلي على بقية الناس.
إن محمد بن عبد الله (ص) أصبح رسولاً لأن التنزيل الحكيم أوحي إليه من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، ولولا ذلك لما سمعنا به إطلاقاً.
وقد راجعت كتب الحديث ، فوجدت أن معظم محتوياتها لاتستحق أصلاً أن يُبعث رسول من أجلها. وإني جربت وحذفت أحاديث أبي هريرة كلها، فلم أجد أن الإسلام نقص شيئاً.
ثم أن قولك أن ابن عباس (حبر الأمة وترجمان القرآن). فمنذ أن بعث الله محمد (ص) رسولاً حتى الآن، فإن أتباع هذه الرسالة منذ ذلك الوقت وحتى الآن يفوق المليارات من الناس.. فما هذه الأمة العظيمة التي لايوجد فيها إلا حبر واحد وترجمان واحد؟؟!!. لقد قتلتم هذه الأمة لأنكم تشعرونها بالدونية في كل لحظة. فكيف يمكن أن أكون قزماً أمام ابن عباس، وبنفس الوقت عملاقاً أمام توني بلير؟؟... إتق الله ياأخي.
أما بالنسبة للتلاعب بالدين، فإني أدعو الله بأن يزيد عددهم. فكلما زاد عددنا نحن المتلاعبون – حسب قولك – كلما اقتربت الأمة من بزوغ الفجر .

Tumbleweed
.
.
السلام عليكم

الفاضل د. محمد شحرور

أود أن تعلمني الصلاة بجميع ما فيها من أقوال وأفعال

ولكم الشكر الجزيل .


إلى الأخ Tumbleweed :

إن الصلاة قُتِلت بحثاً في مئات المجلدات التي صدرت ولازالت تصدر إلى اليوم، فانظرها هناك، علماً بأنها ليست أصل الأزمة عند المسلمين.
ثم أنني لست شيخاً ولا فقيهاً، ولكن هذا الأمر من اختصاص السادة العلماء الأفاضل، ولا أريد أن أتعدى على اختصاصهم.

اسم السائل : المنار
التشريع في الرسالة المحمدية يقع بين حدين ، أعلى وأدنى .. فماجاوز الحد الأعلى هو بغي وعدوان .. وما قصر عن الحد الأدنى هو إثم .
تجاوز الحدود في كلا الإتجاهين يتدرج من من غير المستحب الى المكروه الى المنهي عنه الى الحرام وحتى يصل الى الشرك .. ولذلك تجد في القرآن إن الإثم يكون مبينا .. ويكون عظيما .. فالمبين الذي يكون فيه محرم من المحرمات المنصوص عليها .. وعندما يصل الإثم الى الشرك يكون إثما عظيما .
بمعنى أن الذنب أو السيئة أو المعصية قد تكون إثما ولكن ليس كل إثم ذنب أو سيئة أو معصية .
الطالب الذي يرسب في المدرسة آثم لأنه تأخر عن دفعته فهل نستطيع أن نقول أنه إرتكب محرما ؟

أن الحرام منصوص عليه بالتفصيل في كتاب الله ولا يعمى عنه إلا ضال أو مضل .. والخمر ليست من ضمنها .. بل منهي عنها .

والفرق بين التحريم والنهي أن الحرام ابدي شمولي ، فهو حرام في كل زمان وكل مكان ، وهو لله وحده لايشاركه فيه احد .. أما النهي فظرفي معلول يزول بزوال العلة ووفقا لما تمليه الحاجة .. والله سمح لنا أن نشارك في استخدام النهي لتقييد المباحات المطلقة التي لم تكن من ضمن المحرمات المنصوص عليها .
شرب الخمر إثم يتدرج من المندوب وحتى يصل الى النهي والمنع .. وفقا للهدف من استخدامه .. أما القول بأن شرب الخمر يؤدي الى السكر والسكر حرام فأنا اقول أن الغضب يولد سكرة مماثلة لاتقل نتائجها خطورة عن سكرة الخمر .. فهل الغضب حرام ؟

إنتهى .

سعادة الدكتور محمد شحرور :
هل توافقون على ما ذكر أعلاه فيما يخص الإثم والخمر والسكر ؟

سؤال أخير لو سمحتم لي :
ذكرتم في معرض الرد على بعض التساؤلات عن رأيكم في الحج بأن الإشهر الحرم هي القعدة والحجة والمحرم ورجب .. ولكننا نجد في سورة التوبة - آية 5 قوله تعالى :

( فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم ) .

إن كان رجب يعد من الأشهر الحرم ، فكيف يكون الإنسلاخ .. ألا تعتقدون بأن الأشهر الحرم يجب أن تكون متتالية لا فارق بينها حتى يتحقق إنسلاخ الأشهر الحرم جملة ؟
خصوصا إذا ما اخذنا في الإعتبار أن
- التقويم الهجري غير دقيق ولم يوضع ألا بعد وفاة الرسول بسبعة عشر عاما ..
- وأن الشهور الهجرية القمرية ليست ثابتة الفصول .
- وأن المحرم وضع أول السنة الهجرية اجتهادا بعد وفاة الرسول .
- وأن صفر كان يدعى رجبا ايضا .

مع صادق الود ومزيد الإحترام لشخصكم الكريم .


إلى السيد المنار :

إني موافق على ماذكرته بشأن الحدود. وأنا لم أقل أن الخمر حرام، بل منهي عنها، ولايمكن أن يقال عن إنسان أنه شارب خمر إلا إذا سكر، وإن لم يسكر فهو أصلاً ليس بشارب خمر. فإذا كان تناول الخمر منهي عنه، فكذلك الغضب يودي بصاحبه إلى التهلكة فهو منهي عنه وليس من المحرمات، لذا قال تعالى (والكاظمين الغيظ) .
أما الإثم فهناك إثم بحق وإثم بغير حق لقوله تعالى (والإثم والبغي بغير الحق) فتأخر الطالب في المدرسة هو إثم بحق، والسكر إثم بغير حق.
بالنسبة للحج فهو أشهرٌ معلومات. والاحتمال الأول هو الأشهر الحرم، وهي كما نعلم ذو القعدة – ذو الحجة – المحرم ورجب. فإن كانوا بالتتالي فهو احتمال يستحق الدراسة. وأنا أدعوك للتأمل معي في هذا الاحتمال لعلنا نصل إلى نتائج مفيدة وواقعية .



هناك تعليقان (2):

  1. من اليمن ....
    تحية تقدير للمهندس محمد شحرور
    وسؤالي ... لماذا فضل الله آدم على الملائكة .... ؟

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف